مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

السبت، 31 يوليو 2021

ج2 شَرْحُ عِلَلِ التِّرْمِذِيِّ للإمام العالم الحافظ النّقّاد أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي 736هـ ـ 795هـ

  ج2 شَرْحُ  عِلَلِ التِّرْمِذِيِّ للإمام العالم الحافظ النّقّاد أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي 736هـ  ـ 795هـ رحمه الله تعالى

 

 

 

الجزء الثاني

 


ولما انتهى الكلام على ما ذكره الحافظ أبو عيسى الترمذي – رحمه الله – في كتاب الجامع ، وآخره كتاب العلل ، أحببت أن اتبع كتاب العلل بفوائد أخر مهمة ، وقواعد كلية ، تكون للكتاب تتمة ، وأردت بذلك تقريب علم العلل على من ينظر فيه ، فإنه علم قد هجر في هذا الزمان .

وقد ذكرنا في كتاب العلم أنه علم جليل ، قلّ من يعرفه من أهل هذا الشأن ، وأن بساطة قد طوى منذ أزمان ، وبالله المستعان ، وعليه التكلان ، فإن التوفيق كله بيديه ومرجع الأمور كلها إليه .

معرفة صحة الحديث وسقمه

تحصل من وجهين :

أحدهما : معرفة رجاله وثقتهم وضعفهم .

ومعرفة مذاهين ، لأن الثقات والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف ، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التواليف .

والوجه الثاني : معرفة مراتب الثقات ،

وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف ، إما في الإسناد ، وإما في الوصل والإرسال ، وإما في الوقف والرفع ، ونحو ذلك .وهذا هو الذي يحصل من معرفته وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علل الحديث .

ونحن نذكر إن شاء الله [ تعالى ] من هذا العلم كليات جامعة مختصرة يسهل بها معرفته لمن أراد الله تعالى به ذلك .

ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة وكثرة المذاكرة ، فإذا عدم المذاكر به فليكثر في كلام الأئمة العارفين به ، كيحيى القطان ، ومن تلقى عنه ، كأحمد ، وابن المديني ، وغيرهما ، فمن رزق مطالعة ذلك وفهمه وفقهت نفسه فيه ، وصارت له فيه قوة نفس وملكة صلح له أن يتكلم فيه .

قال الحاكم أبو عبد الله : (( الحجة في هذا العلم عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير )) .

وذكر قول ابن مهدي : (( معرفة الحديث إلهام ، فلو قلت للعالم بطل الحديث : من أين قلت هذا ؟ لم يكن له حجة .

وقد قسمته قسمين :

القسم الأول : في معرفة مراتب كثير من أعيان الثقات وتفاوتهم ، وحكم اختلافهم ، وقول من يرجح منهم عند الاختلاف .

والقسم الثاني : معرفة قوم من الثقات لا يوجد ذكر كثير منهم أو أكثرهم في كتب الجرح قد ضعف حديثهم ، إما في بعض الأماكن ، أو في بعض الأزمان أو عن بعض الشيوخ دون بعض .

القسم الأول

في معرفة مراتب أعيان الثقات الذيت تدور غالب الأحاديث الصحيحة

عليهم وبيان مراتبهم في الحفظ وذكر من يرجح قوله منهم عند الاختلاف

أصحاب ابن عمر :

أشهرهم سالم ابنه ، ونافع مولاه ، وقد اختلفا في أحاديث ذكرناها في باب رفع اليدين في الصلاة ، وقفها نافع ، ورفعها سالم .

وسئل أحمد إذا اختلفا فلأيهما تقضي ؟ [فـ] قال : (( كلاهما ثبت )) ولم ير أن يقضي لأحدهما على الآخر ، نقله عنه المروذي .

ونقل عثمان الدارمي عن ابن معين نحوه ، مع أن المروذي نقل عن أحمد أنه مال إلى قول نافع في حديث : (( من باع عبداً له مال )) ، وهو وقفه ، وكذلك نقل غيره عن أحمد أنه رجح قول نافع في وقف حديث : (( فيما سقت السماء العشر )) ورجح النسائي والدار قطني قول نافع في وقف ثلاثة أحاديث : حديث (( فيما سقت السماء العشر )) . وحديث (( من باع عبداً له مال )) . وحديث (( تخرج النار من قبل اليمن )) .

 وكذا حكى الأثرم عن غير أحمد أنه رجح قول نافع في هذه الأحاديث ، وفي حديث : (( الناس كابل مائة )) أيضاً .

وذكر ابن عبد البر أن الناس رجحوا قول سالم في رفعها .

أصحاب نافع مولى ابن عمر :

قد تقدم عن علي بن المديني أنه قسمهم تسع طبقات ، وذكر أن أعلاهم أيوب السختياني ، وعبيدالله ن عمر ، ومالك ، وعمر ابن نافع .

وأن بعدهم ابن عون ، ويحيى الأنصاري ، وابن جريج . وبعدهم أيوب بن موسى ، وإسماعيل بن أمية . وبعدهم موسى بن عقبة .

وذكر أن أثبت أصحاب نافع – عنده – أيوب السختياني . وروي نحو ذلك عن ابن عيينة ووهيب .

وخالفهم في ذلك يحيى بن معين ، وقال : (( أثبت أصحاب نافع مالك ، هو أثبت من أيوب ، وعبيدالله بن عمر ، والليث بن سعد )) .

وقال يحيى القطان : (( أثبت أصحاب نافع أيوب ، وعبيد الله ابن عمر ، ومالك . وابن جريج أثبت من نافع من مالك )) .

وعن أحمد روايتان :

إحداهما قال : (( أثبت أصحاب نافع عبيد الله )) . نقلها عنه المروذي وابن هانئ .

والثانية : قال : (( أوثق أًحاب نافع عندي أيوب ، ثم مالك ، ثم عبيد الله )) . نقلها ابن هانئ أيضاً

، وزاد في روايته قال : (( ومحمد بن إسحاق ليس بذلك القوي ، وموسى بن عقبة صالح الحديث ، وصخر بن جويرية صالح أيضاً )) .

قال : (( والعمري الصغير – يعني عبد الله بن عمر – أحب إلى من عبد الله بن نافع )) .

وقال ابن معين : (( موسى بن عقبة ثقة ، وكانوا يقولون : ليس هو في نافع مثل مالك )) .

وروي عن يحيى بن معين أنه لم يفضل من أًحاب نافع [ الكبار ] أحداً .

قال عثمان بن سعيد : (( قلت ليحيى : أيوب أحب إليك عن نافع أو عبيد الله ؟ قال : كلاهما ، ولم يفضل ، قلت : فمالك أحب إليك عن نافع أو عبيد الله ؟ قال كلاهما ولم يفضل ، قلت : عبد الله العمري ما حاله في نافع ؟ قال : صالح ، قلت : فالليث ابن سعد كيف حديثه عن نافع ؟ قال صالح ثقة )) .

ومما اختلف فيه أصحاب نافع حديث : (( من حلف فقال : إن شاء الله فلا حنث عليه )) . رفعه أيوب ، ووقفه مالك وعبيد الله ، واختلف الحفاظ في الترجيح ، وأكثرهم رجح قول مالك .

أصحاب عبد الله بن دينار :

قال أبو جعفر العقيلي : (( روى شعبة ، والثوري ، ومالك ، وابن عيينة ، عن عبد الله بن دينار أحاديث متقاربة ، عند شعبة عنه نحو عشرين حديثاً ، وعند الثوري نحو الثلاثين حديثاً ، وعند مالك نحوها ، وعند ابن عيينة عشر حديثاً .

فأما رواية المشايخ عنه ففيها اضطراب )) .

ثم ذكر منهم : يحيى بن سعيد ، وعبد العزيز بن الماجشون ، وسهيلا ، وابن عجلان ، ويزيد بن الهاد.

وهؤلاء الثلاثة رووا عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة حديث : (( الإيمان بضع وسبعون شعبة )) . قال : (( ولم يتابعهم أحد ممن سمينا من الأثبات ، ولم يتابع عبد الله بن دينار عن أبي صالح عليه أحد )) .

قال : (( وقد روى موسى بن عبيدة ونظراؤه عن عبد الله بن دينار أحاديث مناكير إلا أن الحمل فيها عليهم )) انتهى ما ذكره .

وحديث (( الإيمان بضع وستون شعبة )) مخرج في الصحيحين ، خرجه البخاري من طريق سليمان بن بلال ، وخرجه مسلم من طريق سهيل كلاهما عن عبد الله بن دينار به .

وقول العقيلي : (( لم يتابع عليه )) شبه كلام القطان وأحمد والبرديجي الذي سبق ذكره في أن الحديث إذا لم يتابع راوية عليه – فإنه يتوقف فيه ، أو يكون منكراً .

وقد سبق أيضاً كلام أحمد في حديث النهي ، (( عن بيع الولاء وعن هبته )) .

وقال البرديجي : (( أحاديث عبد الله بن دينار صحاح من حديث شعبة ، ومالك ، وسفيان

الثوري )) ، ولم يزد على هذا ، ولم يذكر ابن عيينة معهم كما ذكره العقيلي .

أصحاب سعيد بن أبي سعيد المقبري :

قال عبد الله بن أحمد قال أبي : (( أصح الناس حديثاً عن سعيد المقبري ، ليث بن سعد ، وعبيد الله بن عمر يقدم في سعيد )) .

وقال يحيى بن سعيد : (( ابن عجلان لم يقف على حديث سعيد المقبري ما كان عن أبيه عن أبي هريرة ، وما روى هو عن أبي هريرة . أضعفهم عنه – يعني عن المقبري – حديثاً أو معشر )) .

وقال عبد الله أيضاً قال أبي : (( بلغني عن يحيى بن سعيد قال : لم يقف ابن عجلان على حديث سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة فترك أباه ، فكان يقول : سعيد المقبري عن أبي هريرة ، وأصح الناس حديثاً عن سعيد المقبري ليث بن سعد ن يفصل ما روى عن أبي هريرة ، وما عن أبيه عن أبي هريرة هو ثبت في حديثه جداً )) .

وقال ابن المديني : (( الليث وابن أبي ذئب ثبتان في حديث سعيد المقبري ))

أصحاب الزهري :

قد سبق أنهم خمس طبقات ، وهم خلق كثير يطول عددهم . واختلفوا في أثبتهم وأوثقهم :

فقالت طائفة : (( مالك )) ، قاله أحمد في رواية ، وابن معين ، وذكر الفلاس أنه لا يختلف في ذلك

(و) قال أحمد في رواية ابنه عبد الله : (( أثبتهم مالك ، ثم ابن عيينة . قال : (( وأكثرهم رواية عنه يونس ، وعقيل ، ومعمر ، وقال : (( يونس وعقيل يؤديان الألفاظ )) .

وقال يحيى بن إسماعيل الواسطي سمعت يحيى بن سعيد القطان وذكر يوماً أصحاب الزهري . فبدأ بمالك في أولهم ، ثم ثنى بسفيان [ ابن عيينة ] ، ثن ثلث بمعمر ، وذكر يونس بعده .

[ وقال أبو حاتم الرازي : (( مالك أثبت أصحاب الزهري ، فإذا خالفوا مالكاً من أهل الحجاز حكم لمالك – وهو أقوى في الزهري من ابن عيينة ، وأقل خطأ فيه ، وأقوى من معمر وابن أبي ذئب )) ]

وقالت طائفة : أثبتهم ابن عيينة ، قاله ابن المديني ، وتناظر هو وأحمد في ذلك ، وبين أحمد أن ابن عيينة أخطأ في أكثر من عشرين حديثاً عن الزهري .

وأما مالك فذكر له مسلم في كتاب التمييز عن الزهري ثلاثة أوهام .

وذكر أبو بكر الخطيب له وهمين عن الزهري ، وأحدهما ذكره مسلم .

وقال يحيى بن سعيد : (( ابن عيينة أحب إلىّ في الزهري من معمر )) . ونقل عثمان الدارمي وأصحهم حديثاً ، وبعده مالك )) . قاله أحمد في رواية ابن هانئ عنه .

وقال ابن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول : (( أثبت أًحاب الزهري مالك ، ومعمر ، ويونس ، كانوا عالمين به )) .

قال : ونا إبراهيم بن المنذر قال سمعت ابن عيينة يقول : (( أخذ مالك ومعمر عن الزهري عرضاً ،

وأخذت سماعاً ، فقال يحيى ابن معين ، لو أخذا كتاباً أثبت منه – يعني من ابن عيينة )) .

قال : وسمعت يحيى يقول : (( ما أحد أحب إليّ من سفيان ، ويونس ، ومعمر ، وعقيل ، - يعني الزهري – وقد كان يونس وعقيل عالمين به )) . وسمعت يحيى يقول : (( معمر أثبت في الزهري من سفيان )) .

وذكر بإسناده عن يونس قال : (( كان عقيل يصحب الزهري في حضره وسفره )) .

وقال إبراهيم بن الجنيد : (( سئل يحيى بن معين – وأنا أسمع – من أثبت الناس في الزهري ؟ قال : مالك ، ثم معمر ، ثم عقيل ، ثم يونس ، ثم شعيب ، والأوزاعي ، والزبيدي ، وابن عيينة ، وكل هؤلاء ثقات ، .

قيل له : أيما أثبت سفيان أو الأوزاعي ؟ فقال : الأوزاعي أثبت والزبيدي أثبت منه يعني من ابن عيينة . قال : ومحمد بن أبي حفصة ضعيف الحديث )) .

قال : وسمعت يحيى بن معين يقول : (( يونس شهد الإملاء من الزهري للسلطان ، وشعيب شهده أيضاً ، قال : وعبد الرحمن ابن نمر عن الزهري ضعيف الحديث )) .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن يحيى بن معين قال : (( ابن أبي ذئب عرض على الزهري ، وحديثه عن الزهري ضعيف . ثم قال : يضعفونه في الزهري )) .

وسئل الجوزجاني : من الثبت في الزهري ؟ قال : مالك من أثبت الناس فيه . وكذلك أبو أنس ، وكان سماعهما من الزهري قريباً من السواء ، إذ كانا يختلفان إليه جميعاً ، ومعمر ، إلا أنه يهم في أحاديث )) .

(( ومختلف الثقات من أصحاب الزهري ، فإذا صحت الرواية عن الزبيدي فهو من أثبت الناس فيه ، وكذلك شعيب ، وعقيل ، ويونس بعدهم ، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، والليث بن سعد . فأما الأوزاعي فربما يهم عن الزهري )) .

(( وسفيان بن عيينة كان غلاماً صغيراً حين قدم عليهم الزهري ، وإنما أقام – يعني الزهري – تلك الأيام مع بعض ملوك بني أمية بمكة أياماً يسيرة ، وفي حديثه يعني ابن عيينة عن الزهري اضطراب شديد ، وسفيان بن حسين وصالح بن أبي الأخضر وسليمان بن كثير متقاربون في الزهري . يعني في الضعف )) .

(( فأما ابن أبي ذئب ، فقد كان له معه صحبة ، إلا أنه يحكى عنه أنه لم يسمع من الزهري . ولكن عرض عليه )) .

(( والزبيدي وشعيب لزماه طويلاً إذ كانوا معه في الشام في قديم الدهر ، وعقيل قد سأله عن مسائل كثيرة تدل على خبر به وكذا أبو أويس قد لزمنه سنة وسنتين . فما وجدت من حديث يحكى عن الزهري ليس له أصل عند بعض هؤلاء ، فتأن في أمره )) .

(( وابن إسحاق روى عن الزهري إلا أنه يمضغ حديث الزهري بمنقطة حتى يعرف من رسخ في علمه أنه خلاف رواية أصحابه عنه )) .

(( وإبراهيم بن سعد صحيح الرواية عن الزهري )) .

(( وذكر قوماً رووا عن الزهري قليلاً أشياء يقع في قلب المتوسع في حديث الزهري أنه غير محفوظة . منهم : برد بن سنان ، وروح بن جناح ،وغيرهما )) . انتهى كلام الجوزجاني .

وكان الإمام أحمد سئ الرأي في يونس بن يزيد جداً ، وقدم عليه معمراً وعقيلاً وشعيب بن أبي حمزة

وقال : (( عقيل وإبراهيم بن سعد عن الزهري أقل خطأ من يونس )) .

وقال : (( إسماعيل بن أمية ثبت في الحديث ، وهو أحب إلى حديثاً من أيوب بن موسى ، وكان ابن عمه )) .

وقال : (( الذي صح لهشيم عن الزهري أربعة أحاديث ، ذكر منها حديث الإفك )) .

وسنذكر كلام أحمد في يونس في موضع آخر إن شاء الله تعالى .

وأما ابن إسحاق وابن أخي الزهري فتكام أحمد في حديثهما عن الزهري ولينه . وقال : (( موسى بن عقبة ما أراه سمع من ابن شهاب ، إنما هو كتاب نظر فيه )) .

وقال ابن معين : (( الأوزاعي في الزهري ليس بذاك ، أخذ كتاب الزهري من الزبيدي )) . ذكره يعقوب بن شيبة من طريق أبي داود عنه ، ثم قال يعقوب : (( الأوزاعي ثقة ثبت إلا روايته عن الزهري خاصة فإن فيها شيئاً )) .

وقال يعقوب بن شيبة أيضاً : (( ابن أبي ذئب ثقة ، وفي روايته عن الزهري خاصة شئ )) .

وقال أبو حاتم الرازي : (( الزبيدي أثبت من معمر في الزهري خاصة لأنه سمع منه مرتين )) . وقال ابن المبارك وابن مهدي في يونس بن يزيد : (( كتابه صحيح )) .

وقال نعيم بن حماد سمعت ابن عيينة يقول : (( كان زياد بن سعد عالماً بحديث الزهري )) . وقال عبد الله بن أحمد : نا إسحاق بن موسى الأنصاري ثنا الوليد بن مسلم قال : (( سمعت الأوزاي يفضل محمد بن الوليد الزبيدي على جميع من سمع من الزهري .

وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله : (( ابن أبي ذئب سمع من الزهري ويزيد بن أبي حبيب لم يسمع من الزهري إنما هو كتاب )) .

ونقل عثمان بن سعيد عن يحيى بن معين قال : (( معمر أحب إلي من صالح بن كيسان – يعني الزهري - . قال : وابن جريج ليس بشئ في الزهري ، وابن إسحاق ليس به بأس ، وهو ضعيف الحديث عن الزهري ، ولماجشون ليس به بأس ، ومحمد بن أبي حفصة صويلح ليس بالقوي ، وأسامة بن زيد في الزهري ليس به بأس ، واب أخي الزهري ضعيف . وزياد بن سعد في الزهري ثقة . وسليمان بن موسى في الزهري ثقة )) .

وقال الدار قطني : (( أبو أويس في بعض حديثه عن الزهري شئ )) .

أصحاب يحيى بن أبي كثير :

قال إسحاق بن هاني قلت لأبي عبد الله بن أحمد : (( أيما أحب إليك في حديث يحيى بن أبي كثير ؟ قال هشام أحب إلى ممن روى عن يحيى بن أبي كثير ، قلت : فحسين المعلم وحرب بن شداد وشيبان ؟ قال : هؤلاء ثقات . قلت له : فهمام ؟ قال : ليس منهم أصح حديثاً ولا أحب إلى من هشام ، قلت : فأبان العطار ، قال : هو مثل همام وشيبان )) .

ونقل الأثرم عن أحمد قال : (( هشام الدستوائي أثبت في حديث يحيى من معمر )) .

وقال أبو زرعة الدمشقي : (( سألت أحمد عن أصحاب يحيى بن أبي كثير ؟ فقال : هشام ، قلت ثم من ؟ قال : أبان ، قلت : ثم من ؟ فذكر آخر ، قلت له : فالأوزاعي ؟ قال : الإوزاعي إمام )) .

وذكر أحمد في رواية غير واحد من أصحابه : (( أن الأوزاعي كان لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير ، ولم يكن عنده في كتاب ، إنما كان يحدث به من حفظه ويهم فيه ، ويروي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهاجر ، وإنما هو أبو المهلب )) .

وقال البرديجي : (( أبان العطاء أمثل من همام . وعكرمة بن عمار حديثه عن يحيى بن أبي كثير مضطرب لم يكن عنده كتاب . قاله الإمام أحمد والبخاري وغيرهما )) .

قال أبو حاتم الرازي : (( سألت عليّ بن المديني من أثبت أصحاب يحيى بن أبي كثير ؟ قال : هشام الدستوائي ، قلت : ثم من ؟ قال : ثم الأوزاعي ، وحجاج الصواف ،وحسين المعلم )) .

ونقل إبراهيم بن الجنيد عن يحيى بن معين قال : ما روى أيوب – يعني السختياني – عن يحيى بن أبي كثير شيئاً فيه خير ، ولكن هشام الدستوائي )) . يعني أن هشاماً هو الثبت في يحيى بن أبي كثير .

أصحاب هشام بن عروة :

قال أحمد في رواية الأثرم : (( كأن رواية أهل المدينة عنه أحسن ، أو قال : أصح .

وقال : كان يحيى بن سعيد يرسل الأحاديث التي يسندوها – يعني أنه كان يرسل عن هشام كثيراً – قال فقلت له : هذا الاختلاف عن هشام ، منهم من يرسل ، ومنهم من يسند عنه ، من قبله كان ؟ فقال نعم .

وذكر أن عيسى بن يونس أسند عنه ما كان يرسله الناس كحديث الهدية وغيره )) .

وقيل له : علي بن مسهر ؟ قال : (( كان علي بن مسهر قد ذهب بصره فكان يحدثهم من حفظه ))

وقال الأثرم أيضاً قال أبو عبد الله : (( ما أحسن حديث الكوفيين عن هشام بن عروة ، أسندوا عنه أشياء ، قال : وما أرى ذاك إلا على النشاط – يعني أن هشاماً ينشط تارة فيسنده ، ثم يرسله مرة أخرى ، قلت لأبي عبد الله : كان هشام تغير ؟ قال : ما يلغنا عنه تغيّر )) .

وقال أبو عبد الله : (( ما كان أروى أبا أسامة – يعني عن هشام – روى عنه أحاديث غرائب . قال

: ومالك يرسل أشياء كثيرة يسندها غيره )) .

وقال أيضاً : (( ما رأيت أحداً أكثر رواية عن هشام بن عروة من أبي أسامة ، ولا أحسن رواية منه ، ثم ذكر حديث تركه الزبير ، فقال : ما أحسن ما جاء بذلك الحديث وأئمة ، قال : وحديث الإفك حسنه وجوّده )) .

قال الأثرم قلت لأب عبد الله : (( أبو معاوية صحيح الحديث عن هشام ؟ قال : ما هو بصحيح الحديث عنه )) .

وقال الدار قطني : (( أثبت الرواة عن هشام بن عروة الثوري ومالك ويحيى القطان وابن نمير والليث بن سعد )) .

وقال ابن خراش في تاريخه : (( هشام بن عروة كان مالك لا يرضاه )) .

(( وكان هشام صدوقاً تدخل أخباره في الصحاح ، بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق ، قدم الكوفة ثلاث قدمات : قدمة كان يقول : حدثني أبي قال سمعت عائشة . وقدم الثانية فكان يقول : حدثني أبي عن عائشة . وقدم الثالثة فكان يقول : أبي عن عائشة يعني لا يذكر السماع .

قال : وسمع منه بأخره وكيع وابن نمير ومحاضر )) انتهى .

وهذا مما يؤيد ما ذكره الإمام أحمد أن حديث أهل المدينة كمالك وغيره عنه أصح من حديث أهل العراق عنه .

وذكر العقيلي بإسناده عن ابن ليهعة قال : (( كان أبو الأسود يعجب من حديث هشام بن عروة عن أبيه ، وربما مكث سنة لا يكلمه )) .

وعن ابن ليهعة عن أبي الأسود قال : (( لم يكن عروة يرفع حديث أم زرع أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم . إنما كان يقطع به الطريق )) .

قال العقيلي : (( لم يأت بحديث أو زرع غير هشام ، وأبو الأسود يتيم عروة أوثق من هشام )) .

وقال ابن أبي خيثمة : ثنا موسى بن إسماعيل ثنا العوام بن أبي العوام الأعلم ، قال كنت مع الزهري فقال : (( أنا أعلم بعروة من هشام )) .

قال : ورأيت في كتاب علي بن المديني قال قال يحيى ابن سعيد : (( رأيت مالك بن أنس في النوم فسألته عن هشام بن عروة ؟ فقال : أما ما حدث به وهو عندنا فهو أي كأنه صححه ، وما حدث به بعدما خرج من عندنا – فكأنه يوهنه - )) .

وذكر ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين قال : (( حديث معمر عن هشام بن عروة مضطرب كثير الأوهام )) .

قال القاضي إسماعيل المالكي : بلغني عن علي بن المديني أن يحيى القطان كان يضعف أشياء حدث بها

هشام بن عروة في آخر عمره لاضطراب حفظه بعدما أسن والله أعلم . وسمعت علي بن نصر وغيره يذكرون نحو هذا عن يحيى ( بن سعيد ) .

أصحاب ابن جريج :

قال يحيى بن معين قال لي المعلى الرازي : (( قد رأيت أًحاب ابن جريج بالبصرة ما رأيت فيهم أثبت من حجاج بن محمد )) .

قال يحيى : وكنت أتعجب منه ، فلما تبينت ذلك إذا هو كما قال : كان أثبتهم في ابن جريج )) .

وقد قوّى أحمد رواية يحيى بن سعيد عنه ، وضعف رواية أبي عاصم عنه . قال الأثرم ، قال أبو عبدالله : كان يحيى بن سعيد يقول : (( كان ابن جريج يحدثهم بما لا يحفظ ، يشير إلى أنه كان يحدث من كتب غيره ، قال : وما كنا نحن نسمع من ابن جريج إلا من حفظه ، قال : فقال له إسنان : فلعل ابن جريج حدثكم شيئاً حفظه من كتب الناس )) .

ثم قال أبو عبد الله : (( كان ابن جريج يحدثهم من كتب الناس سماع أبي عاصم ، وذكر غيره ، قال : إلا أيام الحج فإنه كان يخرج كتاب المناسك فيحدثهم به من كتابه ) .

ونقل ابن أبي مريم عن يحيى بن معين ، قال : (( عبد المجيد ابن عبد العزيز بن أبي رواد ثقة ، وكان أعلم الناس بحديث ابن جريج )) .

ونقل عبد الله بن أحمد الدورقي عن ابن معين قال : (( عبد الله ابن وهب ليس بذاك في ابن جريج ، كان يستصغر )) . يعني أنه سمع منه وهو صغير .

وقال الحسن بن محمد بن الصباح : (( سئل يحيى بن معين عن حجاج بن محمد وأبي عاصم : أيهما أحب إليك في ابن جريج ؟ قال : حجاج )) .

وقال مسلم في كتاب التمييز : (( عبد الرزاق وهشام بن سليمان أكبر في ابن جريج من ابن عيينة ))

وعبد الله بن فروخ قال الجوزجاني : (( يروي عن ابن جريج عن عطاء غير حديث لم نجده عند الناس ، أحاديثه معضلة ، ووثقه غيره ، وأثنى عليه ابن أبي مريم ثناء عظيماً )) .

أصحاب عمرو بن دينار :

قال أحمد في رواية الأثرم : (( أعلم الناس بعمرو بن دينار ابن عيينة ، ما أعلم أحداً أعلم به من ابن عيينة ، قيل له : كان ابن عيينة صغيراً ! قال : وإن كان صغيراً فقد يكون صغيراً كيساً )) .

وقال عبد الله بن أحمد قال أبي : (( سفيان أثبت الناس في عمرو بن دينار وأحسنه حديثاً )) .

وقال عباس الدوري : (( سألت يحيى بن معين عن حديث شعبة عن عمرو بن دينار ، والثوري عن عمر بن دينار ، وسفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار ؟ قال : سفيان بن عيينة أعلمهم بحديث عمرو بن دينار ، وهو أعلم بعمرو بن دينار من حماد بن زيد )) .

ونقل عثمان الدارمي عن ابن معين أن ابن عيينة أعلم بعمرو بن دينار من ( سفيان ) الثوري وحماد

بن زيد ، قيل فشعبة ؟ قال : وأي شئ روى عنه شعبة ؟ إنما روى عنه نحواً من مائة حديث )) .

وقال ابن المديني : ابن جريج وابن عيينة من أعلم الناس بعمرو ابن دينار )) .

وقال أيضاً : (( ابن عيينة أعلم بعمرو من حماد بن زيد )) .

وقال أبو حاتم : (( ابن عيينة أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة )) .

وقيل لابن عيينة في حديث لعمرو بن دينار ، اختلف فيه ابن جريج وهشيم ؟ فقال ابن عيينة : (( أنا أحفظ لهذا منهما )) .

وقال الدار قطني : (( أرفع الرواة عن عمرو بن دينار ابن جريج وابن عيينة وشعبة وحماد بن زيد )) .

وذكر مسلم في كتاب التمييز : (( أن حماد بن سلمة يخطئ في روايته عن عمرو بن دينار كثيراً )) .

ذكر أهل البصرة :

أصحاب الحسن بن أبي الحسن رضي الله عنه :

ذكر ابن البرّاء في تاريخه عن علي بن المديني : (( يونس أثيت في الحسن من ابن عوف ويزيد بن إبراهيم ثبت في الحسن ، وابن سيرين وهشام عن الحسن عامتها تدور على حوشب ، يعني هشام بن حسان )) .

وروى صالح بن أحمد عن علي بن المديني : سمعت عرعرة بن البرند قال قال لي عباد بن منصور : (( ما رأيت هشام بن حسان عن الحسن قط )) . قال : (( وسألت جرير بن حازم ؟ فقال : قاعدت الحسن سبع سنين ما رأيت هشاماً عنده قط ، فقلت له : يا أبا النضر قد حدثنا عن الحسن بأشياء ، ورويناها عنه ، فعمن تراه أخذها ؟ قال : أراه أخذها عن حوشب )) .

وقال يعقوب بن سفيان قال ابن المديني : (( أصحاب الحسن : حفص المنقري ، ثم قتادة ، وحفص فوقه ، ثم قتادة بعده ، ويونس وزياد الأعلم . وكان حفص في الحسن مثل ابن جريج في عطاء ، وبعد هؤلاء أشعث بن عبد الملك ، ويزيد بن إبراهيم ، وقرة طبقة ، وأبو الأشهب ، وجرير بن حازم طبقة ، وأبو حرة ، وهشام بن حسان في الحسن طبقة ، وسلام بن مسكين ، والسري بن يحيى طبقة ، وأبو هلال فوق مبارك ، ومبارك أحب إلىّ من الربيع يعني ابن صبيح )) .

وقال أحمد : (( ما في أصحاب الحسن أثبت من يونس ، ولا أسند عن الحسن من قتادة )) .

وقال حرب : سئل أحمد عن أصحاب الحسن ؟ فقال : (( لا يعدل أحد يونس ، قال : وأيوب ، وابن عون ، وهشام  هؤلاء أصحاب محمد يعني ابن سيرين )) .

وقال عثمان بن سعيد الدارمي قلت ليحيى بن معين : (( فيونس ابن عبيد أحي إليك في الحسن أو حميد ؟ قال : كلاهما . قال عثمان : يونس أكبر بكثير . قلت ليحيى : (( فحميد أحب إليك فيه أو حبيب بن الشهيد ؟ قال : كلاهما )) . قال عثمان : وحبيب أحب إلينا . قال قلت : سلاّم بن

مسكين ؟ قال : ثقة ، قلت : سلام أحب إليك في الحسن أو المبارك ؟ قال : سلام )) .

أصحاب محمد بن سيرين رحمه الله تعالى :

قال ابن المديني : (( أحاديث هشان بن حسان عن محمد صحاح )) .

قال : ونسخت من كتاب : (( ليس أحد أثبت في ابت سيرين من أيوب وابن عون إذا تفقا ، وإذا اختلفا فأيوب أثبت ، وهشام أثبت من خالد الحداء في ابن سيرين ، وكلهم ثبت ، وكذلك سلمة ابن علقمة وعاصم الأحول ، وليس في القوم مثل أيوب وابن عون . وهشام الدستوائي ثبت ، وقال ابن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول : (( إذا اختلف ابن عون وأيوب في الحديث فأيوب أثبت منه )) .

وقال البرديجي : (( أحاديث هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكثرها صحاح ، غير أن هشام ابن حسان دون أيوب ويونس وابن عون وسلمة بن علقمة وعوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة فيها صحاح وفيها منكرة ومعلولة . وعوف صدوق ، ويودي بن إبراهيم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة صحيح إذا لم يكن الحديث منكراً أو مضطرباً أو معلولاً )) انتهى .

وقد تكلم قوم في رواية هشام بن حسان عن محمد بن سيرين : قال ابن معين زعم معاذ بن معاذ قال : (( كان شعبة يتقي حديث هشام بن حسان عن عطاء ومحمد والحسن )) .

وقال وهيب : (( سألني سفيان أن ألإيده عن هشام بن حسان ؟ قلت : لا أستحله ، فأفدته عن أيوب عن محمد ، فسأل عنها هشاماً )) .

قال المروذي : سألت أبا عبد الله عن هشام بن حسان فقال : (( أيو بوابن عون أحب إلىّ وحسن أمر هشام . وقال : قد روى أحاديث رفعها أوقفوها ، وقد كان مذهبهم أن يقصروا بالحديث وبوقفوه )) .

وقال عثمان الدارمي قلت ليحيى : (( هشام أحب إليك في ابن سيرين أو يزيد بن إبراهيم ؟ قال كلاهما ثبتان )) .

قال عثمان : (( وسمعت أبا الوليد الطيالسي يقول : (( يزيد بن إبراهيم أثبت عندنا من هشام بن حسان )) .

قال عثمان : (( وسألت يحيى عن يحيى بن عتيق ؟ قال ثقة ، قلت : هو أحب إليك في ابن سيرين أو هشام بن حسان ؟ فقال : ثقة وثقة – قال عثمان : يحيى خبر – قلت : هشام بن حسان أحب إليك أو جرير بن حازم ؟ قال : هشام أحب إلىّ ، قلت : فيزيد بن إبراهيم أحب إليك أو جعفر بن حيان قال : يزيد أحب إلىّ . قلت : داود أحب إليك أو خالد الحداء ؟ قال : داود أحب إلىّ )) .

وقال الدار قطني:(( أثبت أصحاب ابن سيرين أيوب وابن عون وسلمة بن علقمة ويونس بن عبيد ))

أصحاب ثابت البُناني :

وفيهم كثرة ، وهم ثلاث طبقات :

الطبقة الأولى : الثقات :

كشعبة ، وحماد بن زيد ، وسليمان بن المغيرة ، وحماد بن سلمة ، ومعمر . وأثبت هؤلاء كلهم في ثابت حماد بن سلمة ، كذا قال أحمد في رواية ابن هانئ : (( ما أحد روى عن ثابت أثبت من حماد بن سلمة )) .

وقال ابن معين : (( حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت البناني )) .

وقال أيضاً : (( حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت ، ومن خالف حماد ابن سلمة في ثابت فالقول قول حماد )) .

وقال ابن المديني : (( لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد ابن سلمة ، ثم من بعده سليما بن المغيرة ، ثم من بعده حماد بن زيد ، وهي صحاح )) يعني أحاديث هؤلاء الثلاثة عن ثابت .

وقال أبو حاتم الرزاي : (( حماد بن سلمة في ثابت وعلي بن زيد أحب إلىّ من همام ، وهو أحفظ الناس ، وأعلم بحديثهما ، بي‍ّن خطأ الناس )) . يعني أن من خالف حماداً في حديث ثابت وعلي ابن زيد قدم قول حماد عليه ، وحكم بالخطأ على مخالفه .

وحكى مسلم في كتاب التمييز : (( أجماع اهل المعرفة على أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت ، وحمى ذلك عن يحيى القطان وابن معين وأحمد وغيرهم من أهل المعرفة .

وقال الدار قطني : (( حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت )) .

قال ابن المديني : (( وروى حميد عن ثابت شيئاً ، وأما جعفر يعني ابن سليمان فأكثر عن ثابت ، وكتب مراسيل ، وكان فيها أحاديث مناكير عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( ليسأل أحدكم ربه حتى يسأله شسع نعله والملح )) .

قال علي : (( وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة ، وذكر علي أنها أحاديث أبان بن أبي عياش )) .

وقال العقيلي : (( أنكرهم رواية عن ثابت معمر )) .

وذكر ابن أبي خيثمة عن[يحيى]ابن معين قال :((حديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام ))

الطبقة الثانية ، الشيوخ :

مثل الحكم بن عطية وقد ذكر أحمد الحكم بن عطية فقال : (( هؤلاء الشيوخ يخطئون على ثابت )) ، وذكر للحكم بن عطية عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير .

وقال أيضاً : (( سهيل ابن حزم يروي عن ثابت منكرات )) .

وقال في عمارة بن زاذان : (( يروي عن ثابت أحاديث مناكير ، ثم قال : هؤلاء الشيوخ رووا عن

ثابت ، وكان ثابت جل حديثه عن أنس ، فحملوا أحاديثه عن أنس ، قال : ويوسف ابن عبدة يروي عن حميد وثابت أحاديث مناكير بالتوهم ، ليس هي عندي من حديث حميد ولا ثابت )) انتهى .

ومنهم حماد بن يحيى الأبح : له أوهام عن ثابت ، منها حديثه عنه وعن أنس مرفوعاً حديث : (( مثل أمتي مثل المطر )) . والصواب عن ثابت عن الحسن مرسلاً ، كذا رواه حماد بن سلمة عن ثابت ، وقد تقدم هذا الحديث في كتاب الأمثال .

الطبقة الثالثة : الضعفاء والمتركون :

وفيهم كثرة ، كيوسف بن عطية الصفّار .

قال ابن هاني : قال أحمد : (( كان حماد ثبتاً في حديث ثابت البناني ، وبعده سليمان بن المغيرة ، وكان ثابت يحيلون عليه في حديث أنس ، وكل شئ لثابت روي عنه يقولون : ثابت عن أنس )) .

وقال أحمد في رواية أبي طالب : (( أهل المدينة إذا كان الحديث غلطاً يقولون : ابن المنكدر عن جابر ، وأهل البصرة يقولون : ثابت عن أنس ، يحيلون عليهما )) .

ومراد أحمد بهذا كثرة من يروي عن ابن المنكدر من ضعفاء أهل المدينة ، وكثرة من يروي عن ثابت من ضعفاء أهل البصرة ، وسئ الحفظ والمجهولين منهم ، فإنه كثرت الرواية عن ثابت من هذا الضرب فوقعت المنكرات في حيدثه ، وإنما أتي من جهة من روى عنه من هؤلاء ، وذكر هذا المعنى ابن عدي وغيره .

ولما اشتهرت رواية ابن المنكدر عن جابر ورواية ثابت عن أنس صار كل شئ ضعيف وسئ الحفظ إذا روى حديثاً عن ابن المنكدر يجعله عن جابر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وإن رواه عن ثابت جعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، هذا معنى كلام الإمام أحمد رحمه الله ورضي الله عنه والله أعلم .

أصحاب قتادة بن دعامة  السدوسي :

قال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى بن معين : (( سعيد بن أبي عروبة أثبت الناس في قتادة )) .

وقال ابن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول : (( أثبت الناس في قتادة ابن أبي عروبة )) .

وسمعته يقول : (( همام في قتادة أحب إلى من أبي عوانة )) .

وسئل يحيى بن معين عن أبان وهمام : أيهما أحب إليك ؟ فقال : (( كان يحيى القطان يروي عن أبان وكان أحب إليه ، وأما همام فهو أحب إلىّ )) .

وقال أحمد في رواية الأثرم : (( إذا خالف أبو عوانة وأبان العطار سعيداً أعجبني ذاك ، يعني حديثهما ، قال : لأنه يكون مما قد حفظاه )) .

قال أحمد قال عفان قال أبو عوانة : (( كان قتادة يقول [ لي ] : لا تكتب عني شيئاً ، فسمعت منه

وحفظت ، ثم نسيت بعد ، فجلست إلى سعيد فجعل يحدث عن قتادة ما أعرف أو نحو هذا )) .

وقال إسحاق بن هانئ : سألت أبا عبد الله قلت : أيما أحب إليك في حديث قتاد : سعيد بن أبي عروبة أو همام أو شعبة أو الدستوائي ؟ فسمعته يقول : (( قال عبد الرحمن بن مهدي : سعيد عندي في الصدق منثل قتادة ، وشعبة ثبت،ثم همام )) . قلت : والدستوائي ؟ قال : (( والدستوائي أيضاً ))

وقال عثمان بن سعيد قلت ليحيى بن معين : (( شعبة أحب إليك في قتادة أو هشام ؟ قال كلاهما ))

قال عثمان بن سعيد : (( هشام في قتادة أكبر من شعبة )) .

وقال البرديجي : (( شعبة وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس صحيح ، فإذا ورد عليك حديث لسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعاً ، وخالفه هشام وشعبة ، حكم لشعبة وهشام على سعيد ، وإذا روى حماد بن سلمة وهمام وأبان ونحوهم من الشيوخ عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخالف سعيداً أو هشام أو شعبة – فإن القول قول هشام وسعيد وشعبة على الانفراد . فإذا اتفق هؤلاء الأولون وهم همام وأبان وحماد على حديث مرفوع وخالفهم شعبة وهشام وسعيد ، أو شعبة وحده أو هشام وحده ، أو سعيد وحده – توقف عن الحديث ، لأن هؤلاء الثلاثة : شعبة وسعيد وهشام أثبت من همام وأبان وحماد )) .

قلت : مراده أن الحفاظ من أصحاب قتادة ثلاثة : شعبة وسعيد وهشام ، والشيوخ من أصحابه مثل حماد بن سلمة وهمام وأبان ونحوهم .

فأما الحفاظ الثلاثة : فإذا روى سعيد حديثاً عن قتادة وخالفه فيه شعبة وهشام فالقول قولهما ، وسيأتي فيما بعد قوله : (( إن القول قول رجلين من الثلاثة من غير تعيين )) ، وقوله أيضاً : (( إنه إذا روى هشام وسعيد بن أبي عروبة شيئاً وخالفهما شعبة فالقول قولهما )) .

وأما إذا اختلف الثلاثة فسيأتي قوله : (( إنه يتوقف عن الحديث )) .

وإن خالف هشام شعبة ، فقد حكى فيما بعد فيه قولين : أحدهما : القول قول شعبة ، والثاني : التوقف .

وأما الشيوخ : فإذا روى أحدهم حديثاً – وخالفه واحد من الحفاظ الثلاثة – فالقول قول ذلك الحافظ ، فإذا اتفق الشيوخ الثلاثة على حديث – وخالفهم الحفاظ الثلاثة أو أحدهم توقف عن الحديث .

ففرق بين أن ينفرد شيخ بحديث يخالفه فيه حافظ فإنه حكم بأن القول قول الحافظ ، وبين أن يجتمع الشيوخ على حديث ويخالفهم الحفاظ أو بعضهم ، فقال يتوقف فيه .

وهذا بخلاف قول أحمد إنه إذا اختلف سعيد بن أبي عروبة مع أبي عوانة وأبان إنه يعجبه قول الشيخين كما سبق عنه .

وقال البرديجي أيضاً : (( أصح الناس رواية عن قتادة شعبة ، كان يوقف قتادة علىالحديث )) .

قلت : كأنه يعني بذلك اتصال حديث قتادة ، لأن شعبة كان لا يكتب عن قتادة إلا ما يقول فيه ، ثنا ، ويسأله عن سماعه .

فأما حفظ حديثه فقد تقدم عن أحمد وغيره أن سعيد بن أبي عروبة أحفظ له ، ولكن ظاهر كلام البرديجي خلاف هذا ، وأن شعب أثبت في قتادة ، وسيأتي من كلامه ما يبينه .

ثم قال البرديجي : (( فإذا أردت أن تعلم صحيح حديث قتادة فانظر إلى رواية شعبة وسعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي ، فإذا اتفقوا فهو صحيح ، وإذا خالف هشام شعبة فالقول قول شعبة . وقال بعضهم يتوقف عنه ، وإذا اتفق هشام وسعيد بن أبي عروبة من رواية أهل الثبت عنهما وخالفهما شعبة كان القول ( قول هشام وسعيد ، غير ) أن شعبة من أثبت الناس في قتادة ، ولا يلتفت ( إلى رواية الفرد عن شعبة ) ممن ليس له حفظ ولا تقدم في الحديث ( من أهل الاتقان )) .

وقال البرديجي أيضاً : (( أحاديث شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلها صحاح ، وكذلك سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي ، إذا اتفق هؤلاء الثلاثة على الحديث فهو صحيح ، وإذا اختلفوا في حديث واحد فإن القول فيه قول رجلين من الثلاثة ، فإذا اختلف الثلاثة توقف عن الحديث ، وإن انفرد واحد من الثلاثة في حديث نظر فيه ، فإن كان لا يعرف متن الحديث إلا من طريق الذي رواه – كان منكراً .

وأما أحاديث قتادة الذي يرويها الشيوخ مثل حماد بن سلمة ، وهمام ، وأبان ، والأوزاعي ، فينظر في الحديث : فإن كان الحديث يحفظ من غير طريقهم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وعن أنس بن مالك من وجه آخر لم يدفع ، وإن كان لا يعرف عن أحد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا من طريق عن أنس إلا نم رواية هذا الذي ذكرت لك كان منكراً )) انتهى .

وقد سبق ذكر الكلام على المنكر ، وما فيه من اختلاف الحفاظ في ذلك .

وقال ابن معين قال شعبة : (( هشام الدستوائي أعلم بقتادة وأكثر مجلسة له مني )) .

قال أحمد في رواية حرب : (( أصحاب قتادة : شعبة وسعيد وهشام ، إلا أن شعبة لم يبلغ علم هؤلاء ،كان سعيد يكتب كل شئ . قال أحمد : وقال عفان وذكر حديثاص فقال  أصاب همام وأخطأ هشام وسعيد )) .

وذكر مسلم في كتاب التمييز : (( أن حماد بن سلمة عندهن يخطئ في حديث قتادة كثيراً )) . وقال الدار قطني في العلل : (( معمر سئ الحفظ لحديث قتادة والأعمش )) .

وقال ابن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول قال معمر : (( جلست إلى قتادة وأنا صغير فلم أحفظ عنه الأسانيد )) .

ونقل الأثرم عن أحمد قال : (( عمرو بن الحارث روى عن قتادة مناكير )) .

وقال في جرير بن حازم : (( كان يحدث بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها بواطيل )) .

وكذلك ضعف يحيى وغيره حديث جرير عن قتادة خاصة .

وسليمان التيمي قال الأثرم : (( حديثه عن قتادة مضطرب )) .

وفي تاريخ الغلابي : (( يزيد بن إبراهيم عن قتادة : ليس بذاك )) والظاهر أنه حكاه عن ابن معين .

أصحاب أيوب السختياني :

قال الإمام أحمد : (( ما عندي أعلم بحديث أيوب من حماد بن زيد ، وقد أخطأ في غير شئ )) .

وقال ابن معين : (( ليس أحد أثبت في أيوب من حماد بن زيد ))

وقال : سليمان بن حرب وحماد بن زيد في أيوب أكثر من كل من روى عن أيوب .

وقال ابن معين : (( إذا اختلف إسماعيل بن علية وحماد بن زيد في أيوب – كان القول قول حماد ، قيل ليحيى : فإن خالفه سفيان الثوري قال : فالقول قول حماد بن زيد في أيوب قال يحيى : ومن خالفه من الناس جميعاً في أيوب فالقول قوله )) .

وهذا القول اختيار ابن عدي وغيره .

وقال النسائي : (( أثبت أصحاب أيوب حماد بن زيد ، وبعده عبد الوراث وابن علية )) .

ورجحت طائفة ابن علية على حماد :

قال البرديجي : (( ابن علية أثبت من روى عن أيوب )) .

(( وقال بعضهم : حماد بن زيد ، قال : ولم يختلفا إلا في حديث أوقفه بن علية ، ورفعه حماد ، وهو حديث أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( ليس أحد منكم ينجيه عمله ! قالوا : ولا أنت ؟! قال ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته منه وفضل )) انتهى

وليس وقف هذا الحديث مما يضره ، فإن ابن سيرين كان يقف الأحاديث كثيراً ولا يرفعها ، والناس كلهم يخالفون ويرفعونها .

قلت : وقد اختلفا أيضاً في أحاديث أخر ، منها حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر : (( أن عمر قبّل الحجر )) كذا رواه حماد بن زيد عن أيوب ، ورواه ابن علية عن أيوب قال : تبنت أن عمر قبّل الحجر )) .

وذكر شعيب بن حرب حماد بن زيد وابن علية ، فقدّم ابن علية ، وقال :(( هو أثبتهم في الحديث )) وقال غندر : نشأت في ( الحديث يوزم نشأت وليس ) : أحد يقدم في الحديث على إسماعيل بن علية

( وقلا عيسى بن يونس : (( إسماعيل ) أثبت عندنا من حماد ، وحماد ، وأبي عوانة ، وسمى قوماً )) . خرج ذلك كله يعقوب ابن شيبة .

وقال : أخبرني الهيثم بن خالد قال : (( اجتمع حفاظ أهل البصرة ، فقال أهل الكوفة لأهل البصرة : نحو عنا إسماعيل ، وهاتوا من شئتم )) .

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل قال أبي : (( كان حماد بن زيد لا يعبأ إذا خالفه الثقفي ووهيب ،

وكان يهابأو يتهيب إسماعيل بن علية إذا خالفه )) .

(و) قال يزيد بن الهيثم : سمعت يحيى بن معين سئل عن أحاديث أيوب اختلاف ابن علية وحماد بن زيد ؟ فقال : (( إن أيوب كان يحفظ وربما نسي الشئ )) انتهى . فنسب الاختلاف إلى أيوب .

وقال أحمد في رواية الميموني : (( عبد الوراث قد غلط في غير شئ ، روى عن أيوب أحاديث لم يروها أحد من أصحابه )) . وهو عنده مع هذا ثبت ضابط .

وقال الأثرم عن أحمد : (( جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب )) .

وذكر القواريري عن يحيى بن سعيد : أنه كان يثبت عبد الوراث ، وإذا خالفه أحد من أصحابه يقول ما قال عبد الوارث انتهى .

ولم يكتب عبد الوارث ولا ابن علية حديث أيوب حتى مات أيوب .

وأما حماد بن زيد ، وكان ضريراً ، وكان يحفظ ، ولم يكن عنده كتاب لأيوب بالكلية .

ونقل عثمان الدارمي عن ابن معين قال : عبد الوارث مثل حماد ، قال : وهو أحب إلىّ في أيوب من الثقفي وابن عيينة )) .

أصحاب شعبة :

قال أحمد في رواية ابن هاني : (( ما في أصحاب شعبة أقل خطأ من محمد بن جعفر ، ولا يقاس بيحيى بن سعيد في العلم أحد )) .

وقال صالح بن أحمد ثنا علي بن المديني قال : (( ليحيى أصحاب )) شعبة فقال : (( أنا لا أسمي لك أحداً ، كان عامتهم يميليها عليهم ( رجل إلا خالداً ) ومعاذاً ، فإنا كنا إذا قمنا من عند شعبة جلس خالد ناحية ، ( ومعاذ ناحية ) فكتب كل واحد منهما يحفظه .

وأما أنا فكنت لا ( أكتب حتى أجئ إلى البيت ) )) .

قال ابن أبي حاتم : ثنا أحمد بن منصور المروزي سمعت سلمة بن سليمان يقول قال عبد الله بن المبارك : (( إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم فيما بينهم )) .

وذكر ابن خراش عن الفلاس قال : (( كان يحيى وعبد الرحمن ومعاذ وخالد وأصحابنا إذا اختلفوا في حديث عن شعبة رجعوا إلى كتاب غندر فحكم عليهم )) .

وقال العجلي : (( غندر من أثبت الناس في حديث شعبة )) .

وقال يزيد بن الهيثم عن يحيى بن معين : (( لم أر في أصحاب شعبة أحسن حديثاً من أبي الوليد ، قيل له : من كان أحب إليك أبو داود أو بهز ؟ قال : أبو داود ثقة ، وكان بهز أتقن منه في كل شئ )) .

وقال عثمان بن سعيد : (( سألت يحيى بن معين عن أصحاب شعبة ؟ قلت : يحيى القطان أحب إليك في شعبة أو يزيد بن زريع ؟ قال : ثقتان ، قلت فغندر أحب إليك أو محمد بن أبي عدي ؟ قال : ثقتان ، قلت : فأبو داود أحب إليك أو حرمي ؟ قال : أبو داود أحب إلىّ . قلت : فأبو داود أحب

إليك فيه أو ابن مهدي ؟ قال : أبو داود أعلم به )) .

قال عثمان : (( عبد الرحمن بن مهدي أحب إلينا في كل شئ ، وأبو داود أكثر رواية عن شعبة )) .

قال : (( وسألت يحيى عن أبي عامر العقدي ؟ قال : ثقة ، قلت فشبابة ؟ قال : ثقة ، قلت ، فمعاذ أثبت في شعبة أو غندر ؟ قال : ثقة وثقة )) .

وقال أبو مسعود بن الفرات : (( ما رأيت أحداً أكبر في شعبة من أبي داود )) . وقال أحمد : (( مسكين بن بكير يخطئ عن شعبة )) .

وقال ابن عدي : (( أصحاب شعبة معاذ بن معاذ وخالد بن الحارث ويحى القطان وغندر وأبو داود خامسهم )) .

ونقل ابن البراء عن ابن المديني قال : (( عبد الصمد في ششعبة ثبت )) .

أصحاب معمر بن راشد :

قال أحمد في رواية إبراهيم الحربي : (( إذا اختلف معمر في شئ فالقول قول ابن المبارك )) .

وقال ابن عسكر : سمعت ( أحمد بن حنبل يقول ) : إذا اختلف أصحاب معمر فالحديث لعبد الرزاق

قال ( يعقوب بن شيبة ) : عبد الرزاق متثبت في معمر ، جيد الاتقان )) .

وسنذكر فيما بعد إن شاء الله أن من سمع باليمن منه فهو أصح ممن سمع منه بالبصرة .

وقال ابن معين : (( أبو سفيان المعمري : محمد بن حميد صاحب معمر ثقة ، وعبد الرزاق أحب إلىّ منه )) .

قال الدار قطني : (( أثبت أصحاب معمر هشام بن يوسف وابن المبارك )) .

أصحاب حماد بن سلمة :

قال عبد الله بن أحمد : سمعت يحيى بن معين يقول : (( من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة فعليه بعفان بن مسلم )) .

وقال النسائي : (( أثبت أصحاب حماد بن سلمة ابن مهدي وابن المبارك وعبد الوهاب الثقفي )) .

ذكر أهل الكوفة :

أصحاب عامر بن شارحيل الشعبي :

قال إسحاق بن هانئ قلت لأبي عبد الله يعني أحمد : (( من أحب إليك من أصحاب الشعبي ؟ قال : إسماعيل أحبهم إلىّ وأحسنهم حديثاً ، قلت : أيما أحب إليك بيان أو فراس ؟ قال : ما فيهما إلا ثقة ، ( قلت : أيما أحب إليك زكريا أو فراس قال : ما فيهما إلا ثقة ) وزكريا حسن الحديث )) .

وقال عبد الله بن أحمد : قال أبي : (( أصح الناس حديثاً عن الشعبي إسماعيل بن أبي خالد ، قلت :

فزكريا وفراس وابن أبي السفر ؟ قال : ابن أبي خالد يشرب العلم شرباً ، ابن أبي خالد أحفظهم .

وقال : ابن أبي السفر وزكريا كلاهما كانا يختلفان إلى الشعبي جميعاً )) .

وحكى عثمان بن سعيد عن يحيى بن معين قال : (( إسماعيل ابن أبي خالد أحب إلىّ في الشعبي مز الشيباني ، وإسماعيل أعلم بالشعبي من ابن عون . قيل له : فراس أحب إليك أو بيان ؟ ( قال : كلاهما ثقة ) .

وقال ابن المديني سألت يحيى بن سعيد عن زكريا عن الشعبي ؟ ( فقال : ليس هو عندي مثل إسماعيل ) وليس به بأس )) .

أصحاب أبي إسحاق السبيعي :

واسمه عمرو بن عبد الله .

قد ذكر الترمذي في كتابه هذا أن الثوري وشعبة أحفظ وأثبت من جميع من روى عن أبي إسحاق .

وقال ابن المديني : سمعت معاذ بن معاذ وقيل له : أي أصحاب أبي إسحاث أثبت ؟ قال : شعبة وسفيان ، ثم سكت . وقال ابن أبي خيثمة سمعت ابن معين يقول : (( أثبت أصحاب أبي إسحاق الثوري وشعبة وهما أثبت من زهير وإسرائيل ، وهما قرينان .

قال : وسعمت ابن معين يقول : لم يكن أحد أعلم بحديث إبي إسحاق من الثوري )) .

وقال عثمان الدارمي : (( سألت يحيى : شعبة أحب إليك في أبي إسحاق أو سفيان ؟ قال : سفيان))

وقال أبو زرعة((أثبت أصحاب أبي إسحاق الثوري وشعبة وإسرائيل وشعبة أحب إلىّ من إسرائيل ))

وقال أبو حاتم الرازي : (( سفيان أتقن أصحاب أبي إسحاق وهو أحفظ من شعبة ، وإذا اختلف الثوري وشعبة فالثوري )) .

وقال أبو عثمان البرذعي : سمعت أبا زرعة يقول سمعت ابن نمير يقول : (( سماع يونس وزكريا وزهير من أبي إسحاق بعد الاختلاط )) .

وقال أبو زرعة : (( إذا فات شعبة وسفيان فزهير خلف ، ثم زائدة )) .

وقال البرديجي : (( حديث أبي إسحاق من حديث شعبة وسفيان الثوري إذا اتفقا لم يختلفا صحيح ، فإذا اختلفا كان القول قول سفيان لأنه أحفظ الرجلين )) .

وقد روى عن أحمد أنه يقدم قول شعبة في أبي إسحاق )) .

قال الميموني قلت لأبي عبد الله : (( من أكبر في أبي إسحاق ؟ قال : ما أجد في نفسي أكبر من شعبة [ فيه ] ثم الثوري ، قال : وشعبة أقدم سماعاً من سفيان ، قلت : وكان أبو إسحاق قد تأخر ، قال : أي والله ! هؤلاء الصغار زهير وإسرائيل يزيدون في الإسناد وفي الكلام )) .

ونقل جماعة عن أحمد تقديم شريك على إسرائيل في أبي إسحاق ، وقال : (( إنه أضبط عنه وأقدم سماعاً ، قال : (( ويختلف على إسرائيل في حديث أبي إسحاق )) ، وقدم شريكاً في أبي إسحاق على يونس وأبي الأحوص أيضاً .

وقال زهير وإسرائيل وزكريا : (( ليس حديثهم بالقوي عن أبي إسحاق )) .

وقال : (( إذا اختلف زكريا وإسرائيل في أبي إٍحاق – فإن زكريا أحب إلى في أبي إسحاق من إسرائيل ، ثم قال : ما أقربهما )) .

ونقل الأثرم عن أحمد قال : (( ما أقرب حديث زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق ، ولكن سماعه عندي مع هؤلاء الذين سمعوا بآخره )) .

قال : (( وضعف حديث يونس بن أبي إسحاق عن أبيه وقال : حديث إسرائيل أحب إلىّ منه )) .

ونقل عثمان بن سعيد عن يحيى قال : (( شريك أحب إلى في أبي إسحاق من إسرائيل وهو أقدم )) .

ونقل الدوري عنه قال : (( زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم عن أبي إسحاق قريب من السواء ، سمعوا منه بآخره ، إنما صحب أبا إسحاق وسفيان وشعبة )) .

وقال العجلي : (( رواية زكريا بن أبي زائدة وزهير بن معاوية وإسرائيل عن أبي إسحاق قريب من السراء ، قال : ويقال : إن شريكاً أقدم سماعاً منهم )) .

وقال ابن المديني : (( الأعمش يضطرب في حديث إبي إسحاق )) .

وذكر عثمان بن سعيد عن ابن معين قال : (( شريك أحب إلىّ في أبي إسحاق من إسرائيل وهو أقدم ، قيل له : أبو الأحوص أحب إليك فيه أو أبو بكر بن عياش ؟ قال : ما أقربهما )) .

ونقل يزيد بن الهيثم عن يحيى بن معين قال : (( شعبة وسفيان في أبي إسحاق جميعاً واحد )) ، يعني لا يرجح أحدهما على الآخر )) .

قال : (( وزهير وإسرائيل وشريك وأبو عوانة في أبي إسحاق واحد ، وإسرائيل أقدم من عيسى ليس به بأس )) .

وقد رجحت طائفة من إسرائيل في أبي إٍحاق خاصة على الثوري وشعبة ، منهم ابن مهدي ، وروي عن شعبة أنه كان يقول في أحاديث أبي إٍحاق : (( سلوا عنها إسرائيل ؟ فإنه أثبت فيها مني )) .

وقد سبق ذكر هذا مني مستوفى أيضاً في أول الكتاب في الكلام على حديث ابن مسعود في الاستنجاء بالحجرين ، وإتقاء الروثة .

وفي كتاب النكاح في الكلام على حديث النكاح بلا ولي .

أصحاب إبراهيم بن يزيد النخعي :

ذكر علي بن المديني  عن يحيى بن سعيد قال : : (( ما أحد أثبت عن مجاهد وإبراهيم من منصور ، قلت ليحيى : منصور أحسن حديثاً عن مجاهد من أبي نجيح ؟ قال : نعم ، وأثبت ، وقال : منصور أثبت الناس )) .

وقال أحمد حدثني يحيى قال قال سفيان : (( كنت إذا حدثت الأعمش عن بعض أصحاب إبراهيم قال ، فإذا قلت : منصور سكت )) .

وقال ابن المديني عن يحيى عن سفيان قال : (( كنت لا أحدث الأعمش عن أحد إلا رده ، فإذا قلت منصوري سكت )) .

وذكر ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين قال:((لم يكن أحد أعلم بحديث منصور من سفيان الثوري ))

ورجحت طائفة الأعمش على منصور في حفظ إسناد حديث النخعي .

قال وكيع : (( الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصوري )) .

وقد ذكره الترمذي في باب التشديد في البول من كتاب الطهارة ، واستدل به على ترجيح قول الأعمش في حديث ابن عباس في القبرين : (( سمعت مجاهداً يحدث عن طاوس عن ابن عباس )) .

وأما منصور فرواه عن مجاهد عن ابن عباس .

وكذلك ذكره أيضاً في كتاب الصيام في باب صيام العشر ، واستدل به على ترجيح رواية الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة : (( ما رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صائماً في العشر قط )) على قول منصور ، فإنه أرسله .

ورجحت طائفة الحكم ، قال عبد الله بن أحمد : سألت أبي : (( من أثبت الناس في إبراهيم ؟ قال : الحكم ، ثم منصور )) .

وقال أيضاً : قلت لأبي : أي أصحاب إبراهيم أحب إليك ؟ قال : الحكم ثم منصور ، ما أقربهما ، ثم قال : كانوا يرون أن عامة حديث أبي معشر إنما هو عن حماد – يعني ( ابن أبي سليمان ) .

وقال جرب عن أحمد : (( كان يحيى بن سعيد يقدم منصوراً والحكم على الأعمش )) .

وقال ابن المديني : قلت ليحيى بن سعيد : (( أي أصحاب إبراهيم أحب إليك ؟ قال : الحكم ومنصور ، قلت : أيهما أحب إليك ؟ قال : ما أقربهما )) .

وقال عثمان الدارمي قلت ليحيى بن معين : (( الحكم إليك في إبراهيم أو فضيل بن عمرو ؟ قال : الحكم أعلم )) .

أصحاب الأعمش :

قال ابن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول : (( لم يكن أحد أعلم بحديث الأعمش من سفيان الثوري )) .

قال وسمعت يحيى بن معين يقول : (( أبو معاوية كنا إذا ذاكرناه حديث الأعمش فكأنا لم نسمع الحديث ، يشير إلى كثرة حديثه وسعة حفظه )) .

قال ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن سنان الواسطي سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول : (( ما رأيت سفيان لشئ من حديثه أحفظ منه لحديث الأعمش )) .

قال وثنا أبي نا أبو بكر الأعين قال سمعت أحمد بن حنبل وقلت له : (( من أحب الناس إليك في حديث الأعمش ؟ قال : سفيان ، قلت : شعبة ؟ قال : سفيان )) .

ثنا محمد بن إبراهيم أنا عمرو بن علي قال : سمعت أبا معاوية يقول : (( كان سفيان يأتيني ههنا فيذاكرني بحديث الأعمش [فمـ] ـا رأيت أحداً أعلم بحديث الأعمش منه .

وقال علي قال يحيى بن سعيد : (( سماعي من سفيان عن العمش أحب إلى من سماعي من الأعمش ))

قال ابن أبي حاتم وسمعت أبي يقول : أحفظ أصحاب الأعمش الثور ي)) .

وقال يعقوب بن شيبة : (( سفيان الثوري وأبو معاوية مقدمان في الأعمش على جميع من روى عن الأعمش )) .

وذكر عن علي بن المديني قال : (( كان أبو معاوية حسن الحديث عن الأعمش حافظاً عنه )) .

وذكر بإسناده عن جري بن عبد الحميد قال : أبو معاوية حفظ حديث الأعمش ، ونحن أخذناها من الرقاع )) .

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه : (( قال أبو معاوية : (( كنا إذا قمنا من عند الأعمش كنت أمليها عليهم )) .

قال أبي : (( أبو معاوية من أحفظ أصحاب الأعمش . قلت له : مثل سفين ؟ قال : لا ، سفيان في طبقة أخرى ، مع أن أبا معاوية يخطئ في أحاديث من أحاديث الأعمش )) .

وقال عبد الله أيضاً : قال أبي في أصحاب الأعمش : (( سفيان أحبهم إلىّ ، ثم أبو معاوية في الكثرة والعلم بالأعمش )) .

ونقل عثمان بن سعيد عن يحيى بن معين قال : (( سفيان أحب إلىّ في الأعمش من شعبة . قال أبو عوانة أحب إلىّ فيه من عبد الواحد . وأبو شهاب أحب إلىّ من أبي بكر بن عياش في كل شئ )) يعني في الأعمش وغيره .

وقال : (( وأبو بكر وأبو الأحوص ما أٌربهما ، وقطبة وحفص ثقتان )) .

وقال حرب عن أحمد : (( أبو معاوية أثبت في الأعمش من جرير )) .

[ وقيل لأحمد : (( أبو معاوية فوق شعبة يعني في الأعمش ؟ )) . قال : (( أبو معاوية في الكثرة وعلمه بالأعمش . وشعبة صاحب حديث يؤدي الألفاظ والأخبار ، وأبو معاوية عن عن )) .

وقيل له : (( بعد أبي معاوية شعبة أثبت ؟ قال : (( شعبة أثبت في كل شئ ، وقد غلط شعبة في بعض ما روى عن الأعمش ، وكان زائدة من أصح الناس حديثاً عن الأعمش ، ما خلا الثوري )) .

قال : (( وجرير لم يكن بالضابط عن الأعمش )) .

وقال : (( أبو معاوية عنده احاديث يقلبها عن الأعمش )) .

وقال أبو بكر الخلال : (( أحمد لا يعبأ بمن خالف أبا معاوية في حديث الأعمش إلا أن يكون الثوري

وقال يعقوب بن شيبة : (( عبيد الله بن موسى ، ومحاضر ومندل وأبو معاوية ، ووكيع ، وابن نمير ، ويحيى بن عيسى ، كل هؤلاء ثقة في الأعمش )) .

[ قال : ] (( وقد تكلم في رواية وكيع عن الأعمش بشئ دفعه عيسى بن يونس .

حدثني أحمد بن داود الحداني قال : قيل لعيسى بن يونس – وأنا أسمع – إن وكيعاً سمع من الأعمش وهو صغير قال : لا تقولوا ذاك ، إنه كان ينتقيها ويعرفها ، أو قال : ينقيها )) .

قال ابن أبي حاتم : ثنا محمد بن سعيد المقرئ قال : (( سئل عبد الرحمن من أثبت في الأعمش بعد الثوري ؟ قال ما أعدل بوكيع أحداً . قال له رجل يقولون : أبو معاوية ؟ قال : فنفر من ذلك .

وقال : أبو معاوية عنده كذا وكذا وهماً )) .

وأما حفص بن غياث : فقد كان أحمد وغيره يتكلمون في حديثه ، لأن حفظه كان فيه شئ ،و قدمه غيرهم .

قال أبو عبيد الله الآجري عن أبي داود : (( كان عبد الرحمن بن مهدي لا يقدم بعد الكبار من أصحاب الأعمش غير حفص بن غياث )) .

قال أبو داود : (( سمعت عيسى بن شاذان يقدم حفصاً ، وكان بعضهم يقدم أبا معاوية )) .

وقال ابن خراش بلغني عن علي بن المديني قال سمعت يحيى بن سعيد يقول : (( أوثق أصحاب الأعمش حفص بن غياث ، قال علي : فأنكرت ذلك ، ثم قدمت الكوفة بآخره ، فأخرج إلىّ عمر بن حفص كتاب أبيه عن الأعمش ، فجعلت أترحم على يحيى ، وقلت لعمر : سمعت يحيى يقول : حفص أوثق أصحاب الأعمش ، ولم أعلم حتى رأيت كتابه )) .

وروى محمد بن عبد الرحيم البزار عن علي بن المديني قال : (( كان يحيى يقول : حفص ثبت ))  ثم ذكر معنى حكاية ابن خراش . وهذه أصح ، وتلك منقطعة .

وقال ابن معين : (( حفص أثبت من عبد الواحد بن زياد ، وهو أثبت من عبد الله بن إدريس .

وقا الدار قطني : (( أرفع الرواة عن الأعمش : الثوري ، وأبو معاوية ، ووكيع ، ويحيى القطان ، وابن فضيل ، وقد غلط عليه في شئ )) .

وقال ابن عمار قال أبو معاوية : (( كان أهل خراسان يجيئون إلى الأعمش ليسمعوا منه فلا يقدرون ، فكانوا ييجيئون فيسمعون من شعبة عن الأعمش ، فكان شعبة لا يحدثهم حتى يقعدني معه فيقول : يا أبا معاوية أليس هو كذا وكذا ؟ فإن قلت : نعم حدثهم )) .

قال ابن عمار : (( إنما يراد من هذا أن أبا معاوية كان أثبت في الأعمش من شعبة )) .

وسئل أحمد بن الحسن السكري الحافظ : من أحب إليك في أصحاب الأعمش ؟ قال : (( أبو معاوية أعرف به ، وأما معمر في الأعمش فهو سئ الحفظ جداً )) . كذا ذكره ابن معين والأثرم والدارقطني

وقال ابن عسكر سمعت أحمد يقول : (( أحاديث معمر عن الأعمش التي يغلط فيها ليس هو من عبدالرزاق ، إنما هو من معمر )) يعني الغلط .

أصحاب منصور بن المعتمر :

قال عثمان بن سعيد قلت ليحيى بن معين : (( جرير أحب إليك في منصور أم شريك ؟ قال : جرير أعلم به . قلت : فشريك أحب إليك في منصور أو أبو الحوص ؟ قال : شريك أعلم به .

قال عثمان : وأراه قال : وكم روى أبو الحوص عن منصور )) .

وروى أبو يعلى الموصلي عن يحيى بن معين معناه إلا أنه قال : (( أحب إلى )) بدل [ قوله ] (( أعلم به )) . وكذا روى يزيد بن الهيثم عن يحيى ، وليس في روايتهما بمنصور ، وكذا قال أبو حاتم : (( شريك أحب إلى من أبي الأحوص )) انتهى .

ومعمر في منصور كأنه ليس بالقوي ، فإن معمراً روى عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن جابر : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم . كان إذا سجد جافى )) ، ورواه سفيان عن منصور عن إبراهيم مرسلاً .

والصحيح عند أحمد وابن معين قول سفيان في هذا ، وحديث معمر عندهما خطأ .

وقال الدار قطني : (( أثبت أصحاب منصور : الثوري ، وشعبة ، وجرير الضبي )) .

أصحاب سفيان بن سعيد الثوري :

قال ابن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين وسئل عن أصحاب الثوري أيهم أثبت ؟ قال : (( وهم خمسة  : يحيى بن سعيد ، ووكيع بن الجراح ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأبو نعيم الفضل بن دكين . فأما الفريابي ، وأو حذيفة ، وقبيصة ، وعبيد الله ، وأبو أحمد الزبيري ، وعبد الرزاق ، وطبقتهم ، فهم كلهم في سفيان بعضهم قريب من بعض ، وهو ثقات كلهم ، دون أولئك في الضبط والمعرفة )) .

وقال عثمان بن سعيد : سألت يحيى بن معين عن أصحاب سفيان ، قلت : (( يحيى أحب إليك في سفيان أو عبد الرحمن ؟ )) . قال : (( يحيى )) .

قلت : (( فعبد الرحمن أحب إليك أو وكيع ؟ )) قال : (( وكيع )) .

قلت : (( فوكيع أحب إليك أو أبو نعيم ؟ )) قال : (( وكيع )) .

قلت : (( فالأشجعي ؟ )) . قال : (( صالح ثقة )) .

قلت : (( فمعاوية بن هشام ؟ )) قال : (( صالح وليس بذاك )) .

قلت : (( فالزبيري ؟ )) يعني أبا أحمد – قال : (( ليس به بأس )) .

قلت : (( فأبو إسحاق الفزاري ؟ )) قال : (( ثقة ثقة )) .

قلت : (( فأبو داود الحفري )) قال : (( ثقة )) .

قلت : (( فيحيى بن يمان ؟ )) . قال : (( أرجو أن يكون صدوقاً )) .

قلت : (( فكيف هو في حديثه ؟ )) قال : (( ليس بالقوي )) .

قلت : (( فعبيد الله ؟ )) . قال : (( ثقة ، ما أقربه من ابن اليمان )) .

قلت : (( فقبيصة ؟ )) قال : (( مثل عبيد الله )) .

قلت : (( فالفريابي ؟ )) قال : (( مثلهم )) .

قلت : (( فعبد الرزاق عن سفيان ؟ )) قال : (( مثلهم )) .

قلت : (( فأبو حذيفة ؟ )) قال : (( مثلهم )) .

قلت : (( ما حال المؤمل في سفيان ؟ )) قال : (( هو ثقة )) .

قلت : (( هو أحب إليك أو عبيد الله ؟ )) فلم يفضل أحدهما على الآخر )) .

قلت : (( ابن المبارك أهجب إليك أم وكيع ؟ )) فلم يفضل .

قلت : يحيى بن آدم ما حاله في سفيان ؟ )) قال : (( ثقة )) .

وقال أبو حاتم الرازي : سألت علي بن المديني من أوثق أصحاب الثوري . قال : يحيى القطان وعبدالرحمن بن مهدي )) .

وذكر صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : (( عبد الرحمن بن مهدي أقل سقطاً من وكيع في سفيان ، قد خالفه وكيع في ستين حديثاً من حديث سفيان . وكان عبد الرحمن يجئ بها على ألفاظها

قيل له : (( فأبو نعيم ؟ )) . قال : أين يقع أبو نعيم من هؤلاء )) .

وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول : ( خالف وكيع ابن مهدي في نحو ستين حديثاً من حديث سفيان . ثم سمعت أبي يقول بعد ذلك : هي أكثر من ستين وأكثر من ستين وأكثر من ستين . قال : وكان عبد الرحمن بن مهدي عند أبي أكثر إصابة من وكيع ، يعني في حديث سفيان خاصة )) .

وقال حرب بن أحمد : (( ليس من أصحاب سفيان أعلى من يحيى )) . وقال : (( ما أثبت أبا نعيم وأكيسه ! ولا نقدمه على ابن مهدي )) .

[ قلت لأحمد : (( أيهما أثبت : يحيى بن سعيد أو عبد الرحمن بن مهدي ؟ )) .

قال : (( كانا ثبتاً ، ولكن عبد الرحمن أعلم بعلم الثوري )) .

قلت : (( أيهما أثبت : عبد الرحمن أو أبو نعيم ؟ )) . قال : (( ما منهما إلا ثبت )) ] .

وقال ابن أبي حاتم : قيل لأبي : (( قال يحيى ابن معين : وكيع أحب إلىّ في سفيان من ابن مهدي ، فأيهما أحب إليك ؟ )) . قال : عبد الرحمن ثبت ، ووكيع ثقة )) .

وهذا الكلام يدل على ترجيح عبد الرحمن عند أبي حاتم .

وقال إسحاق بن هانئ : قلت لأبي عبد الله : (( أيما أثبت في سفيان الثوري : أبو نعيم أو وكيع ؟ )) قال : (( لا يقاس بوكيع )) .

قلت أنا له  (( في الصلاح لا يقاس بوكيع ، فأيما أصح حديثاً ؟ )) فقال : (( أبو نعيم أصح حديثاً))    

ثم ابتدأ فذكر الفريابي فقال : (( ما رأيت أكثر خطأ في الثوري من الفريابي )) .

وقال العجلي قال لي بعض البغدايين : (( أخطأ الفريابي في خمسين ومائة حديث من حديث سفيان .

وضعف ابن معين قبيصة في سفيان .

وقال في محمد بن عبيد الطنافسي : ( هو كثير الخطأ عن سفيان الثوري )) .

وأما أبو حذيفة فضعفه جماعة في سفيان .

قال عبد الله بن أحمد عن أبيه : (( قبيصة أثبت حديثاً في سفيان من أبي حذيفة ، وأبو حذيفة شبه لا شئ )) .

وقال الجوزجاني سمعت أحمد يقول : (( كأن سفيان الذي يحدث عنه أبو حذيفة ليس هو سفيان الثوري الذي يحدث عنه الناس )) .

قال العقيلي : (( جاء عن سفيان بأحاديث لم يحدث بها عن سفيان غيره )) .

وقال ابن معين : (( أبو داود الحفري ، والفريابي ، وقبيصة ، وأبو حذيفة ، حديثهم بعضه قريب من بعض في الضعف )) .

وضعف أحمد سماع عبد الرزاق من سفيان بمكة ، دون ما سمع منه باليمن .

وقال العجلي : (( الفريابي ، ويحيى بن آدم ، وأبو أحمد الزبيري ، وقبيصة بن عقبة ، ومعاوية بن هشام ، ثقات ، وهو في الرواية عن سفيان بعضهم من بعض ، وأبو نعيم ، ووكيع ، وعبيد الله الأشجعي ، ويحيى القطان ، وابن مهدي ، وأبو داود الحفري أثبت في سفيان من الفريابي وأصحابه )) يعني الذين سماهم معه .

ذكر أهل الشام ومصر :

أصحاب مكحول :

قال أبو زرعة الدمشقي قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم – يعني دحيماً – وسألته عن ثابت بن ثوبان والعلاء بن الحارث : (( أيهما أثبت ؟ )) قال : (( العلاء أفقه حديثاً ، وثابت بن ثوبان قليل الحديث

قلت له : إن أبا مسهر قال : (( أنبل أصحاب مكحول ثابت بن ثوبان ، والعلاء بن الحارث )) ، وأعدت عليه تقدم سن ثابت بن ثوبان ولقيه سعيد بن المسيب فلم يدفعه عن ثقة وتقدم ، وقدم العلاء بن الحارث عليه لفقهه .

قلت له : ؟ فيزيد بن يزيد بن جابر فوق العلاء بن الحارث ؟ )) قال : نعم .

قلت : (( فسليمان بن موسى فوق يزيد ؟ )) قال : نعم .

قلت : (( وهو المقدم من أصحاب مكحول ؟ )) قال : (( نعم )) .

قلت : (( فمن بعد العلاء بن الحارث ؟ )) قال : (( زيد بن واقد )) .

قلت : (( فعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ؟ )) قال : (( بعده )) .

قلت : (( فما تقول في أبي معبد حفص بن غيلان ؟ )) قال : (( ثقة )) .

قلت : (( فما تقول في الوضين بن عطاء ؟ )) . قال : (( فوقه ، لسنه ولقيه )) .

قلت : (( فمن بعد عبد الرحمن بن يزيد بن جابر من أصحاب مكحول ؟ قال : (( الأوزاعي وسعي

 بن عبد العزيز )) .

قلت له : (( سعيد أكثر مجالسة لمكحول من الأوزاعي )) .

قال : (( ذاك بين في حديثه ، كان الأوزاعي ربما غاب )) .

قال أبو زرعة : (( وكنت أرى أبا مسهر قدم كل التقديم من أًحاب مكحول ثلاثة سليمان بن موسى ، ويزيد بن يزيد بن جابر ، والعلاء بن الحارث )) .

وثنا أبو مسهر أن سعيد بن عبد العزيز حديثه : (( أن كتاب مكحول في الحج أخذه من العلاء بن الحارث )) .

وذكر أبو زرعة أسماء جماعة من الرواة عن مكحول سأل عنهم منهم : محمد بن راشد الذي يقال له : المكحولي ، وذكر أنه سأل دحيماً عنه فقال : ثقة ، وكان يميل إلى هوى ، وقدّم سعيد ابن بشير عليه .

[و] قال أبو زرعة : (( أعلم أهل دمشق بحديث مكحول وأجمعه لأصجابه الهيثم بن حميد ويحيى بن حمزة )) .

وقال الإمام أحمد : (( يزيدب بن يزيد بن جابر هو أخو عبد الرحمن بن جابر ، قا ل: (( وعبد الرحمن أقدم موتاً وأثبت منه إن شاء الله تعالى )) .

أصحاب الأوزاعي :

قال أبو زرعة الدمشقي سألت أبا مسهر الدمشقي : من أنبل أًحاب الأوزاعي ؟ قال : (( هقل وابن سماعة بعده )) .

وقال إبراهيم ( بن الجنيد عن يحيى بن ) معين : قلت لأبي مسهر : ابن سماعة عرض على الأوزاعي ؟ قال : (( أحسن أحواله إن كان عرض ، ثم قال : قال لي أبو مسهر : لم يكن ههنا بدمشق أثبت في الأوزاعي من هقل )) .

قال : (( وسئل يحيى عن عبد الحميد بن أبي العشرين ؟ فقال : ليس به بأس )) .

وروى من وجه آخر عن أبي مسهر قال : (( أثبت من صحب الأوزاعي وسمع منه : يزيد بن السمط ، وسلمة بن العيار ، وأصح وأحفظ )) .

وعن هشام بن عمار (( أوثق أصحاب الأوزاعي عبد الحميد ب حبيب بن أبي العشرين )) .

قال أبو زرعة الدمشقي حدثني أحمد بن أبي الحواري قال قال لي مروان بن محمد : (( إذا كتبت حديث الأوزاعي عن الوليد بن مسلم فما تبالي من فاتك )) .

[قال :] وحدثنا أبو مسهر قال قيل للأوزاعي : (( ابن السفر يحدث عنك ؟ )) . قال : (( كيف لم يجالسني ؟! )) .

[و] ابن السفر هو يوسف وهو ضعيف .

وقال مهنا قلت لأحمد : (( أيما أثبت الوليد بن مسلم أو القرقساني ، يعني محمد بن مصعب ؟ )) قال : (( الوليد ، كان القرقساني صغيراً في الأوزاعي )) .

وقال النسائي : (( أثبت أصحاب الأوزاعي عبد الله بن المبارك ، قال : والوليد بن مزيد أحب إلينا في الأوزاعي من الوليد بن مسلم ، لا يخطئ ولا يدلس )) .

[ وقال الحاكم : (( أثبت أصحاب الأوزاعي أبو إسحاق الفزاري )) ]

أصحاب بكير بن عبد الله بن الأشج :

أحد علماء المدينة ، نزل مصر .

قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يقول : (( لا أعلم أحداً أحسن حديثاً عن بكير بن عبد الله من ليث بن سعد )) .

وقال : (( هو أحسن حديثاً عندي من عمرو بن الحارث ومن ابن ليهعة )) .

قلت له : (( ومن ابن عجلان ؟ )) قال : (( وكم يروي ابن عجلان عن بكير ؟ ! ما أيسرها ؟ )) . قلت : (( إن أبا الوليد يتكلم في روايته ويقول : مناولة ، أعني ليث بن سعد ؟ )) فقال : (( ما أدري أي شئ هذا ، وأنكر قوله ، وقال : أي شئ ينكر من حديث ليث ، وليث حسن الحديث صحيحه

أصحاب يزيد بن أبي حبيب :

قال عبد الله بن أحمد : سئل أبي عن حيوة بن شريح وسعيد بن أبي أيوب ويحيى بن أيوب ؟

فقال : (( حيوة أعلى القوم ثقة ، وسعيد بن أبي أيوب ليس به بأس ، ويحيى بن أيوب دونهم في الحديث ، وكان سئ الحفظ ، وهو دون هؤلاء ، وحيوة بن شريح أعلاهم )) .

القسم الثاني

في ذكر قوم من الثقات لا يذكر أكثرهم غالباً في أكثر كتب الجرح .، وقد ضعف

حديثهم أما في بعض الأوقات ، أو في بعض الأماكن ، أو عن بعض الشيوخ

فهذا القسم تحته ثلاثة أنواع كما ذكرنا :

النوع الأول

من ضعّف حديثه في بعض الأوقات دون بعض

وهؤلاء هو الثقات الذين خلطوا في آخر عمرهم ، وهو متفاوتون في تخليطهم فمنهم من خلط فاحشاً ، ومنهم من خلط تخليطاً يسيراً .

ومن اعيان هؤلاء :

عطاء بن السائب :

الثقفي الكوفي ، يكنى أبا زيد .

ذكر الترمذي في باب كراهية التزعفر والخلوق للرجال من كتاب الأدب من جامعة هذا ، قال : يقال (( إن عطاء بن السائب كان في آخر عمره قد ساء حفظه )) .

وذكر عن علي بن المديني عن يحيى بن سعيد قال : (( من سمع من عطاء بن السائب قديماً فسماعه صحيح إلا حديثين عن عطاء بن السائب عن زاذان ، قال شعبة : سمعتهما منه بآخره )) .

وذكر العقيلي من طريق عمرو الفلاس عن يحيى بن سعيد قال : (( ما سمعت أحداً من الناس يقول في حديث بن السائب شيئاً في حديثه القديم )) [ثم] قلت ليحيى : (( ما حدث سفيان وشعبة صحيح هو ؟ )) . قال : (( نعم ، إلا حديثين كان شعبة يقول : سمعتهما بآخره )) .

ومن طريق علي قال : (( كان يحيى بن سعيد لا يروي من حديث عطاء بن السائب إلا عن شعبة وسفيان )) .

ومن طريق أبي النعمان عن يحيى بن سعيد القطان قال : (( عطاء بن السائب تغير حفظع بعد ، وحماد – يعني ابن زيد – سمع منه قبل أن يتغير )) .

ذكر من سمع من قبل أن يتغير :

سفيان وشعبة . وقد تقدم أن يحيى بن سعيد نقل عن شعبة ( أنه مسع من حديثين ) بعد أن تغير .

ومنهم : حماد بن زيد : كما ذكرناه عن يحيى وحكاه البخاري عن علي .

ومنهم : حماد بن سلمة ، نقله ابن ( الجنيد عن ابن معين ) ، ونقل عبد الله بن الدورقي عن ابن معين قال : (( حديث سفيان وشعبة وحماد بن سلمة عن عطاء بن السائب مستقيم )) .

وقال ابن أبي خيثمة سمعت يحيى يقول : (( شعبة وسفيان وحماد بن سلمة في عطاء خير من هؤلاء الذين بعدهم )) .

ونقل ابن المديني عن يحيى بن سعيد : (( أن أبا عوانة وحماد بن سلمة سمعا من قبل الاختلاط وبعده ، وكانا لا يفصلان هذا من هذا )) . خرجه العقيلي .

ومنهم : سفيان بن عيينة ، روى الحميدي عن سفيان قال : (( [كنت] سمعت من عطاء بن السائب قديماً ، ثم قدم علينا قدمه فسمعته يحدث ببعض ما كنت سمعته منه فيخلط فيه ، فاتقيته واعتزلته )) .

قال أبو داود قال أحمد : (( سماع ابن عيينة مقارب – يعني من عطاء بن السائب – سمع بالكوفة ))

ومنهم : هشام الدستوائي : ذكره أبو داود عن بعضهم ولم يسمعه .

وممن سمع منه بآخره بعد اضطرابه : جرير ، قاله أحمد ويحيى .

ومنهم : خالد بن عبد الله قاله أحمد وعلي .

ومنهم : ابن علية ، وعلي بن عاصم ، قاله أحمد .

ومنهم : محمد بن فضيل ، قاله يحيى .

ومنهم : وهيب ، وعبد الوارث ، ذكره أبو داود وغيره .

ومنهم : هشيم ، ذكره العجلي وغيره .

وقد اختلفوا في ضابط من سمعه منه قديماً ، ومن سمع منه بآخره :

فمنهم من قال : (( من سمع منه بالكوفة فسماعه صحيح ، ومن سمع منه بالبصرة  فسماعه ضعيف )) . كذا نقله أبو داود عن أحمد .

ومنهم من قال : (( دخل عطاء البصرة مرتين فمن سمع منه في المرة الأولى فسماعه صحيح ، ومنهم الحمادان والدستوائي ، ومن سمع منه في القدمة الثانية فسماعه ضعيف ، منهم وهيب وإسماعيل بن علية وعبد الوارث )) نقله أبو داود عن غير أحمد ، وقاله أيضاً النسائي في سننه إلا أنه لم يسم .

ومنهم من قال : إن حدث عطاء عن رجل واحد بعينه فحديثه جيد ، وإن حدث عن جماعة فحديثه ضعيف :

روى العقيلي بإسناده عن ابن علية قال قال لي شعبة : (( ما حدثك عطاء بن السائب عن رجاله : عن زاذان وميسرة وأبي البختري فلا تكتبه ، وما (( حدثك عن رجل بعينه فاكتبه )) .

ومن طريق علي بن المديني عن ابن علية قال : (( قدم علينا عطاء بن السائب البصرة فكنا نسأله ؟ قال : فكان يتوهم ، قال : فيقل له : من ؟ فيقول : أشياخنا : ميسرة وزاذان وفلان وفلان )) .

ومن طريق أبي بكر بن أبي الأسود سمعت ابن علية قال : كان عطاء بن السائب إذا سئل عن الشئ ؟ قال : كان أصحابنا يقولون ، فيقال له : من ؟ فيسكت ساعة ثم يقول : أبو البختري وزاذان وميسرة .

قال : فكنت أخاف أن يجئ بهاذ على التوهم فلم أحمل منها شيئاً )) .

ومنهم من قال : إذا حدث عن أبيه فهو صحيح ، وإذا حدث عن الشيوخ مثل ميسرة وزاذان بعد التغيير فهو مضطرب :

قال أبو داود سمت أحمد قال : (( كان فلان – بعض المحدثين سماه أحمد – عند عطاء بن السائب وكان إذا حدث عن أبيه أحاديثه المشهورة ، كتهبا وإذا حدث بأحاديث ميسرة وزاذان يعني الشيوخ ، يعني لا يكتب . يعني حين أنكر عطاء .

واتفقوا على أن سفيان وشعبة أصح حديثاً عنه من غيرهما :

قال أبو داود قلت لأحمد : (( يشاكل أحد سفيان وشعبة في عطاء ؟ قال : لا ، قلّ ما يختلف عنه سفيان وشعبة )) .

وقال أحمد بن أبي يحيى عن ابن معين : (( جميع ما روى عن عطاء ابن السائب روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان )) .

وقال ابن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول : (( كل شئ من حديث عطاء بن السائب ضعيف إلا ما كان عن شعبة وسفيان )) .

ومنهم : حصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي :

يكنى أبا الهذيل ، أحد الثقات الأعيان المحتج بهم في الصحيحين :

قال ابن معين : (( اختلط بآخره )) .

قال أبو حاتم الرازي : (( في آخر عمره ساء حفظه )) .

قال يزيد بن الهيثم عن يحيى بن معين : (( عطاء بن السائب وحصين اختلطا ؟ قال : نعم ، ، قلت : من أصحهم سماعاً ؟ قال : سفيان أصحهم – يعني الثوري – وهشيم في حصين ، قلت : فجرير فكأنه لم يلتفت إليه )) .

وقال أحمد في رواية الأثرم : (( هشيم لا يكاد يسقط عليه شئ من حديث حصين ولا يكاد يدلس عن حصين )) .

وقد خرجا في الصحيحين حديث حصين بن عبد الرحمن من رواية جماعو من أصحابه : منهم شعبة ، وسفيان ، وخالد الواسطي ، وعبثر بن القاسم ، وهشيم ، وأبو عوانة ، ومحمد بن فضيل .

وخرج البخاري حديثه أيضاً من رواية زائدة ، وحصين بن نمير ، وسليمان بن كثير العبدي ، وعبدالعزيز بن مسلم وعبد العزيز العمي ، وأبي بكر بن عياش ، وأبي كدينة .

وخرجه مسلم أيضاً من رواية أبي الأحوص سلاّم بن سليم ، وزياد البكائي ، وابن إدريس ، وعباد بن العوام )) .

وقد أنكر ابن المديني وغيره أن يكون حصين اختلط ، قالوا : (( ولكن ساء حفظه ، كما قاله أبو حاتم )) .

قال عبد الله بن أحمد عن أبيه سمعت يزيد بن هارون يقول : (( طلبت الحديث وحصين حي بالمبارك يقرأ عليه ، وكان قدنس ))

وقال الحسن قلت لعلي بن المديني : (( حصين )) ؟ قال : (( حصين حديثه واحد وهو صحيح )) .

قلت : (( فاختلط ؟ )) قال : لا ، ساء حفظه ، وهو على ذاك ثقة )) . قال الحسن وسمعت يزيد يقول : (( اختلط )) .

وقد ذكر العقيلي وابن عدي حصين بن عبد الرحمن هذا في كتابهما ، وقال ابن عدي : (( أرجو أنه لا بأس به )) .

وذكره البخاري أيضاً في كتاب الضعفاء ، وذكر حكاية أحمد عن يزيد بن هارون المتقدمة .

ومنهم : سعيد بن أياس الجريري البصري :

يكنى أبا مسعود ، أحد الثقاث الأعيان ، اختلط بآخره ، فكان يلقن فيتلقن ، وقد حدث عنه الأئمة ، بالكثير قبل الاختلاط ، وحديثه مخرج في الصحيحين من رواية جماعة عنه .

وقد سمع منه قوم بعد الاختلاط :

منهم عيسى بن يونس ، قاله يحيى بن معين وغيره ، وامتنع عيسى أن يحدث عنه ، حيث نهاه يحيى بن سعيد أن يحدث عنه .

قال ابن معين : (( وسمع يزيد بن هارون من الجريري وهو مختلط )) .

وذكر الفلاس عن يحيى القطان قال : (( أتيت الجريري فسمعته يقول : (( ثنا عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن عمرو قال : (( بين كل أذانين صلاة )) . فلما خرجت قال لي رجل : إنما هو عن عبد الله بن مغفل ، فرجعت إليه فقلت له فقال : عن عبد الله بن مغفل )) .

وممن سمع منه بعد الاختلاط : محمد بن أبي عدي ، وكان يقول : (( لا أكذب اللخ ، ما سمعت من الجريري إلا بعد ما اختلط )) .

وممن سمع منه قبل أن يختلط الثوري وابن علية وبشر بن المفضل .

وكان ابن علية ينكر أن يكون الجريري اختلط .

قال عبد الله بن أحمد حدثني أبي قال : سألت يحيى عن الجريري أكان اختلط ؟ قال : (( لا ، كبر الشيخ فرق )) .

ومنهم : سعيد بن أبي عروبة :

واسمه مهران البصري ، يكنى أبا النضر ، أحد الحفاظ الأعلام ، اختلط في آخر عمره .

وقد أكثر الأئمة السماع منه قبل الاختلاط :

منهم يزيد بن زيع ، قاله الإمام أحمد .

وقال ابن معين : (( يزيد بن هارون صحيح السماع منه ، قال : وأثبت الناس سماعاً منه عبدة بن أبي سليمان )) .

وقال ابن عدي : أثبت الناس عنه يزيد بن زريع ، وخالد بن الحارث ، ويحيى بن سعيد )) .

وقال أحمد : (( سماع محمد بن بشر وعبدة منه جيد ومحمد بن بكر البرساني ، قال : وسماع عيسى يعني ابن يونس منه جيد ، سمع منه بالكوفة )) .

وقال في السهمي : (( هو فوق هؤلاء ، - يعني فوق محمد بن بكر وغيره في سماعه من سعيد – قال وروح حديثه عنه صالح )) .

قيل لأحمد : فالخفاف ؟ قال : ما أقربه منهم ، إلا أنه كان عالماً بسعيد )) . قيل له : سماع خالد منه بعد الاختلاط ؟ قال : (( لا أدري )) .

وأما من سمع منه بعد الاختلاط فجماعة :

منهم : محمد بن جعفر غندر : نهى عبد الرحمن بن مهدي أن يكتب حديثه عن سعيد بن أبي عروبة وقال : (( إنه سمع منه بعد الاختلاط .

وأنكر ذلك عمرو الفلاس ، وقال سمعت غندراً يقول : (( ما أتيت شعبة حتى فرغت من سعيد )) ، يعني أنه سمع منه قديماً .

ومنهم : أبو نعيم الفضل بن دكين . قال : (( كتبت عن سعيد : (( جاء ابن أبي عدي إلى ابن أبي عروبة بآخره يعني وهو مختلط )) .

وقال العجلي : (( روى عن ابن أبي عروبة في الاختلاط يزيد ابن هارون ، وابن المبارك ، وابن أبي عدي ، كل ما روى عنه مثل هؤلاء الصغار فهو مختلط ، إنما الصحيح حديث حماد بن سلمة ، وابن علية ، وعبد الأعلى عنه ، والثوري وشعبة صحيح )) .

وقال أحمد : (( شعيب بن إسحاق سمع من سعيد بآخر رمق )) .

وحكى يزيد بن الهيثم عن ابن معين : أن يزيد سمع من ابن أبي عروبة بالكوفة قبل أن ينكر ، وقد روى عن يزيد ما يشهد لذلك ، وأنه رآه بعد الاختلاط فأنكره ، وهذا يدل على أنه يسمع منه حينئذ .

وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله : (( سماع يزيد بن هارون من ابن أبي عروبة في الصحة إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة )) .

قال عبد الله : قلت لأب : (( أيما أحب إليك في سعيد : الخفاف أو أسباط بن محمد ؟ قال : أسباط أحب إلىّ لأنه سمع بالكوفة ، قلت أيما أحب إليك : الخفاف أو أبو قطن في سعيد ؟ قال : الخفاف أقدم سماعاً من أبي قطن )) .

ومما أنكر على سعيد في حال اختلاطه أنه روى عن قتادة عن أنس أنه قال : (( الأذنان من الرأس )) . أنكره يحيى القطان .

ونقل الأثرم عن أحمد أنه ذكر سمع يزيد بن هارون من سعيد ابن أبي عروبة فضعفه وقال : كذا وكذا حديثا خطأ )) .

قال : (( وروايات عباد بن العوام عن سعيد بن أبي عروبة مضطربة )) .

قيل لأحمد : روى الكوفيون عن سعيد غير شئ خلاف ما روى عنه البصريون ؟ قال : (( هذا من حفظ سعيد ، كان يحدث من حفظه )) .

قال محمد بن عبد الله بن نمير في عبد الوهاب الخفاف : (( كان أصحاب الحديث يقولون : إنه سمع منه بآخره ، كان شبه المتروك ، ووكيع سمع من سعيد بآخره ، وأبو نعيم سمع من سعيد بآخره ، وزعم أبو أسامة أنه كتب عن سعيد بالكوفة )) .

وقال ابن عمار الموصلي : (( سمع وكيع والمعافى بن عمران من سعيد بعد الاختلاط ، قال : وليست روايتهما عنه بشئ )) .

وقال جعفر الطيالسي سمعت يحيى بن معين يقول : (( قلت لعبد الوهاب : سمعت من سعيد في الاختلاط ؟ قال سمعت منه في الاختلاط وغير الاختلاط ، فليس أميز بين هذا وهذا )) .

ومنهم : عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة :

ابن مسعود المسعودي الكوفي ، اختلط بآخره .

قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول : (( كل من سمع من المسعودي بالكوفة مثل وكيع وأبي نعيم

وأما يزيد بن هارون وحجاج ومن سمع منه ببغداد في الاختلاط إلا من سمع منه بالكوفة )) .

يعني أن سماع من سمع منه بالكوفة صحيح ، ومن سمع منه ببغداد كيزيد بن هارون ، وحجاج فهو بعد الاختلاط .

قال عبد الله أيضاً قال أبي : (( سماع وكيع والمسعودي بالكوفة قديماً ، وأبو نعيم أيضاً ، وإنما اختلط المسعودي ببغداد ، ومن سمع منه بالبصرة والكوفة ، فسماعه جيد )) انتهى .

وممن كتب عنه قبل أن يختلط سلم بن قتيبة ، وكتب عنه أبو داود من المسعودي بعد ما اختلط )) .

وذكر معاذ بن معاذ أن المسعودي قدم عليهم الكوفة مرتين ، وهو صحيح . قال : (( ثم لقيته ببغداد سنة أربع وخمسين ومائة وهو صحيح ، ثم لقيته ببغداد مرة أخرى سنة إحدى وستين وقد أنكروه ))

وقال محمد بن عبد الله بن نمير : (( المسعودي كان ثقة ، اختلط بآخره ، سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة ، وما روى عنه الشيوخ هو مستقيم )) .

وليحيى بن معين في المسعودي تفصيل آخر ، ذكر محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن [يحيى ] بن معين قال : (( المسعودي ثقة ، وكان يغلط فيما يحدث عن عاصم بن بهدلة وسلمة يعني ابن كهيل ، وكان صحيح الرواية فيما يحدث عن القاسم ومعن )) .

ونقل الغلابي عن ابن معين نحوه أيضاً .

ومنهم : عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي البصري :

أحد الحفاظ المشهورين ، تغير حفظه في آخر عمره واختلط .

قال عقبة بن مكرم : (( كان عبد الوهاب الثقفي قد اختلط قبل موته بثلاث سنين أو أربع سنين ))

وقال أبو داود : (( جرير بن حازن وعبد الوهاب الثقفي تغيرا فحجب الناس عنهما )) .

ومنهم : سفيان بن عيينة :

قال ابن عمار الموصلي عن يحيى القطان : (( أشهد أن ابن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ، فمن سمع في هذه السنة وبعدها فسماعه لا شئ )) .

ومنهم : صالح بن نبهان مولى التوأمة :

اختلط بآخره ، فمن سمع منه قديماً فسماعه صحيح ، قاله الإمام أحمد وغيره .

وممن سمع منه قديماً ابن أبي ذئب ، قاله ابن معين .

قال : (( وسماع الثوري منه بعد أن خرف )) .

قال أحمد : (( روى عنه أكابر أهل المدينة ، قال : وقول مالك : ليس بثقة ، لأنه إنما أدركه وقد كبر واختلط )) .

وقال البخاري : (( موسى بن عقبة سمع من صالح قديماً )) ، نقله عنه الترمذي في علله .

وذكر ابن حبان أن حديث صالح اختلط قديمه بحديثه ولم يتميز .

ومنهم : أبان بن صمعة :

ذكر يحيى وابن مهدي وأحمد وغيرهم أنه اختلط بآخره .

وذكر ابن عدي أنه مع ذلك لم يجد له حديثاً منكراً .

ومنهم : محمد بن الفضل السدوسي :

أبو النعمان ، ولقبه عارم ، أحد الثقات المتفق على تخريج حديثهم ، اختلط في آخر عمره .

قال العقيلي : (( سمع منه علي بن عبد العزيز البغوي بعد اختلاطه )) .

ومما روى في اختلاطه عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (( اتقوا النار ولو بشق تمرة )) ورواه قبل اختلاطه عن حميد عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرسلاً ، وكذا رواه عفان عن حماد بن سلمة ، وهو الصواب .

ومنهم : أبو قلابة الرقاشي عبد الملك بن محمد :

كان ابن خزيمة يقول : (( ثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد )) .

قلت : وهو مع هذا كثير الوهم قبل اختلاطه أيضاً .

ويلتحق بهؤلاء من أضر في آخر عمره

وكان لا يحفظ جيداً ، فحدث من حفظه . أو كان يلقن فيتلقن .

وقد ذكر أبو خيثمة : أن يزيد بن هارون :

كان يعاب عليه أنه لما أضر كان يأمر جارية له أن تلقنه الأحاديث من كتابه فيحدث بها . وقد سبق ذكر ذلك .

فمنهم : عبد الرزاق بن همام الصنعاني :

أحد أئمة الحديث المشهورين ، وإليه كانت الرحلة في زمانه في الحديث ، حتى قيل : إنه لم يرحل إلى أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما رحل إلى عبد الرزاق .

قال الإمام أحمد في رواية إسحاق بن هانئ : (( عبد الرزاق لا يعبأ بحديث من سمع منه وقد ذهب بصره ، كان يلقن أحاديث باطلة ، وقد حدث عن الزهري أحاديث كتبناها من أصل كتابه وهو ينظر ، جاؤوا بخلافها )) .

ونقل الأثرم عنه معنى ذلك .

وقال في النيسابوري يعني محمد بن يحيى الذهلي : (( قدم على عبد الرزاق مرتين : إحداهما بعدما عمي )) .

وذكر الأثرم أيضاً أن أحمد ذكر له حديث : (( النار جبار ))

فقال : هذا باطل ، ليس من هذا شئ . ثم قال : ومن يحدث به عن عبد الرزاق ؟ قلت : حدثني [به] أحمد بن شبويه ، قال : (( هؤلاء سمعوا بعدما عمي ، كان يلقن فلقنه ، وليس هو في كتابه ، وقد أسندوا عنه أحاديث في كتبه كان يلقنها بعدما عمي )) .

قال أبو عبد الله : (( حكوا عنه عن الحلواني أحاديث أسندها )) .

وقد ذكر غير واحد أن عبد الرزاق حدث بأحاديث مناكير في فضل علي وأهل البيت ، فلعل تلك الأحاديث مما لقنها بعد أن عمي ، كما قاله الإمام أحمد ، والله أعلم ، وبعضها مما رواه عنه الضعفاء ولا يصح عنه .

وقال النسائي : (( عبد الرزاق ما حدث عنه بآخره ففيه نظر )) .

وذكر عبد الله بن أحمد أنه سمع يحيى بن معين قيل له : تحفظ عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( أنه مسح على الجبائر )) فقال يحيى : (( باطل ، ما حدث به معمر قط )) .

ثم قال يحيى : (( عليه مائة بدنة مقلدة إن كان معمر حدث بهذا قط ، هذا باطل ، ولو حدث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم ، من حدث بهذا عن عبد الرزاق ؟ قالوا : فلان ، وفي بعض النسخ قالوا : محمد بن يحيى قال : لا والله ما حدث به معمر ، وعليه حجة من ههنا إلى مكة إن كان معمر يحدث بهذا .

قال عبد الله بن أحمد : (( هذا الحديث يروونه عن إسرائيل عن عمرو بن خالد عن زيد عن علي عن أبانه عن علي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وعمرو بن خالد لا يساوي شيئاً )) .

قال عبد الله وسمعت يحيى يقول : (( ما كتبت عن عبد الرزاق حديثاً قط إلا من كتابه ، لا والله ما كتبت عنه حديثاً قط إلا من كتابه )) .

وذكر بعضهم أن سماع الدبري من عبد الرزاق بآخره .

قال إبراهيم الحربي : (( مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين )) .

ومنهم : أبو حمزة السكري واسمه محمد بن ميمون :

ثقة مشهور ، من أهل مرو .

قال أحمد في رواية ابن هانئ : (( كان قد ذهب بصره ، وكان ابن شقيق قد كتب عنه وهو بصير ، قال : وابن شقيق أصح حديثاً عنه من غيره )) .

وقال النسائي في سننه في أبي حمزة : (( هو مروزي لا بأس به إلا أنه كان ذهب بصره في آخر عمره . فمن كتب عنه قبل ذلك فحديث جيد )) .

ومنهم : علي بن مسهر :

أحد الثقات المشهورين . قال أحمد في رواية الأثرم : (( كان ذهب بصره فكان يحدثهم من حفظه )) وأنكر عليه حديثه عن هشام عن أبيه عن عائشة (( كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا سمع المؤذن قال : وأنا )) وقال : (( إنما هو عن هشام عن أبيه مرسل )) .

وعلي بن مسهر له مقاريد ، ومنه في حديث : (( إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليرقه )) وقد خرجه مسلم .

وذكر الأثرم أيضاً عن أحمد أنه أنكر حديثاً [فـ] ـقيل له : رواه علي بن مسهر ! فقال : (( إن علي بن مسهر كانت كتبه قد ذهبت ، فكتب بعد ، فإن كان روى هذا غيره وإلا فليس بشئ يعتمد

ويلتحق بهؤلاء من احترقت كتبه

فحدث من حفظه فوهم

كما قاله غير واحد في ابن ليهعة ، وقد سبق ذكر ذلك .

وكان أحمد يضعف حديث المتأخرين عنه .

وقال : (( قتيبة بن يحيى النيسابوري آخر من سمع منه )) نقله عنه الأثرم .

وقال أبو حاتم الرازي : (( مروان بن محمد تأخر سماعه من ابن ليهعة فهو يحدث عنه ، يعني بمناكير))

ومن هذا النوع أيضاً

قوم ثقات لهم كتاب صحيح ، وفي حفظهم بعض شئ

فكانوا يحدثون من حفظهم أحياناً فيغلطون ، ويحدثون أحياناً من كتبهم فيضبطون .

فمنهم : عبد الرزاق بن همام :

وقد تقدم أنه لما كان بصيراً ويحدث من كتابه كان حديثه جيداً ، ولما حدث من حفظه خلط .

قال أحمد في رواية الأثرم في حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى على عمر ثوباً جديداً فقال : (( هذا كان يحدث به من حفظه ، ولم يكن في الكتب )) .

وقد تقدم ذكر هذا الحديث في كتاب اللباس .

وقال يحيى بن معين : (( ما كتبت عن عبد الرزاق حديثاً واحداً إلا من كتابه كله )) .

ومما أنكر على عبد الرزاق حديثه عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً : (( الخيل المعقود في نواصيها الخير )) ، أنكره أحمد ومحمد بن يحيى . وقال : (( لم يكن في أصل عبد الرزاق )) ، وذكر الدار قطني أن الصواب إرساله .

وقال الدار قطني : (( عبد الرزاق يخطئ عن معمر في أحاديث لم تكن في الكتاب )) .

ومنهم : الدراوردي عبد العزيز بن محمد :

أحد علماء [أهل] المدينة وثقاتهم :

قال الأثرم قال أبو عبد الله : (( الدراوردي إذا حدث من حفظه فليس بشئ )) أو نحو هذا ، فقيل له : في تصنيفه ؟ قال : (( ليس الشأن في تصنيفه ، إن كان في أصل كتابه وإلا فلا شئ ، كان يحدث بأحاديث ليس لها أصل في كتابه )) .

قال : (( ويقولون : إن حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة (( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يستعذب له الماء )) ليس لها أصل في كتابه )) . انتهى

وقد تقدم عن ابن معين أنه قال في حديثه عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( تقتل عماراً الفئة الباغية )) إنه لم يكن في كتابه أيضاً .

وقال يحيى بن معين : (( الدراوردي ما روى من كتابه فهو أثبت من حفظه )) .

ومنهم : همام بن يحيى العوذي البصري :

أحد الثقات المشهورين :

قال يزيد بن زريع وعبد الرحمن بن مهدي : (( كتابه صحيح ، وحفظه ليس بشئ )) ، وكان يحيى بن سعيد لا يرضى كتابه ولا حفظه ، ثم بعد ذلك قدم معاذ بن هشام فرآه يحيى يوافق هماماً ما في أشياء فكان يحيى يقول بعد ذلك : كيف قال همام ؟ .

قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي قال : (( قال عفان : ثنا يوماً همام فقلت له : أن يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة ذكر خلاف ذلك الحديث ، قال : فذهب فنظر في الكتاب ثم جاء فقال : يا عفان ألا تراني أخطئ وأنا لا أعلم )) .

قال عفان : (( وكان همام إذا حدثنا بقرب عهده بالكتاب فقل ما كان يخطئ )) .

قال عبد الله وقال أبي : (( ومن سمع من همام بآخره فهو أجود ، لأن هماماً كان في آخر عمره أصابته زمانة ، فكان يقرب عهده بالكتاب فقل ما كان يخطئ ! )) .

ومنهم : شريك بن عبد الله النخعي قاضي الكوفة :

قال يعقوب بن شيبة وغيره : (( كتبه صحاح ، وحفظه فيه اضطراب )) .

وقال محمد بن عمار الموصلي الحافظ : (( شريك ، كتبه صحاح ، فمن سمع منه من كتبه فهو صحيح ، قال : ولم يسمع من شريك من كتابه إلا إسحاق الأزرق )) .

وقد قيل : إن أصوله كان فيها الخطأ ، فذكر محمد بن يحيى ابن سعيد القطان عن أبيه قال : (( نظرت في أصول شريك فإذا الخطأ في أصوله )) .

وفرق آخرون بين ما حدث به في آخر عمره بعد ولايته القضاء ، فضعفوه ، لاشتغاله بالقضاء عن حفظ الحديث ، وبين ما حدث به قبل ذلك فصححوه :

قال أحمد في رواية الأثرم وذكر سماع أبي نعيم من شريك فقال : سماع قديم وجعل [أحمد] يصححه

وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله : قال لي حجاج بن محمد : (( كتبت عن شريك نحواً من خمسين حديثاً عن سالم ، قبل القضاء )) يعني قبل أن يلي القضاء .

قال أبو حاتم : (( حدث شريك من حفظه بآخره – وكان قد ساء حفظه – عن عاصم الأحول عن الشعبي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم احتجم وهو صائم محرم فغلط فيه ، ورواه جماعة ولم يذكروا صائماً محرماً ، إنما قالوا : احتجم وأعطى الحجان أجره )) .

وأنكر ذلك يحيى القطان : قال عبدالجبار بن محمد الخطابي قلت ليحيى بن سعيد : (( زعموا أن شريكاً إنما خلط بآخره قال : ما زال مخلطاً ، وبكل حال فهو سئ الحفظ كثير الوهم )) .

قال إبراهيم بن سعيد الجوهري : (( أخطأ شريك في أربعمائة حديث )) .

ومنهم : حماد بن أبي سليمان :

فقيه الكوفة ، وشيخ أبي حنيفة :

قال أبو داود سمعت أحمد يقول : (( حماد مقارب الحديث ما رى عنه سفيان ، وشعبة ، والقدماء . قال : وهشام الدستوائي سمع منه قديماً ، سماعه صالح ، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط )) .

ونقل الأثرم عن أحمد قال : (( رواية القدماء عن حماد مقاربة : شعبة ، والثوري ، وهشا الدستوائي . وأما غيرهم فقد جاؤوا عنه بأعاجيب . قلت له : حجاج وحماد بن سلمة ؟ قال : حماد على ذلك )) أي لا بأس به .

قال : (( وقد سقط فيه غير واحد مثل محمد بن جابر ، وأشار بيده فظننت أن سلمة الأحمر )) . قال الأثرم : ولعله قد عني غيره .

قوله : (( سقط فيه )) يعني رووا عنه ما لا يرتضى .

ونقل أبو داود عن أحمد قال : (( ما روى سفيان وشعبة عن حماد بن إبراهيم إلىّ من رواية مغيرة عن إبراهيم ، إلا أن في حديث الآخرين عن حماد تخليطاً )) .

ومنهم : حفص بن غياث :

النخعي ، أبو عمر ، قاضي الكوفة .

قال أبو زرعة : (( ساء حفظه بعدما استقضي ، فمن كتب عنه من كتابه هو صالح ، وإلا فهو كذا وكذا )) .

وقال ابن المديني : (( حفص ثبت )) . قيل له : (( إنه يهم )) قال : (( كتابه صحيح )) .

وقال يعقوب بن شيبة : (( هو ثقة ثبت إذا حدث من كتابه .  ويتقى بعض حفظه )) .

وقد تكلم في حفظه غير واحد ، منهم الإمام أحمد .

وقال داود بن رشيد : (( كان كثير الغلط )) . وذكر ذلك لمحمد ابن عمار فقال : (( لا ، وكلن كان لا يحفظ حسناً ، ولكن كان إذا حفظ الحديث فكان ... أي يقوم به حسناً - )) ز

وقد روي عن ابن معين : (( أن حفصاً لم يكن يحدث إلا من حفظه ببغداد والكوفة ، ولم يخرج كتاباً ، كتبوا عنه ثلاثة الآف أو أربعة الآف حديث من حفظه )) .

ومنهم : شبيب بن سعيد الحبطي البصري :

أبو أحمد بن شبيب ، خرج حديثه البخاري .

قال علي بن المديني : (( ثقة ، كان من أصحاب يونس بن يزيد ، كان يختلف في تجارة إلى مصر ، وكتابه كتاب صحيح ، وقد كتبها عن ابنه أحمد )) .

قال ابن عدي : (( له نسخة عن يونس بن يزيد عن الزهري يرويها عنه ابنه أحمد ، وهي أحاديث مستقيمة . وروى عنه ابن وهب أحاديث مناكير ، فلعل شبيباً حدّث بمصر في تجارته إليها ، كتب عنه ابن وهب من حفظه ، فيغلط ويهم )) .

ومنهم : إبراهيم بن سعد الزهري :

أحد الأعيان الثقات المتفق على تخريج حديثهم . قال أحمد : (( كان يحدث من حفظه فيخطئ ، وفي  كتابه الصواب )) .

وقد تكلم فيه يحيى القطان ، روى من حفظه أحاديث أنكرت عليه :

منها : روى عن أبيه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (( الأئمة من قريش ))

وسئل أحمد عنه فقال : (( ليس هذا في كتب إبراهيم ، لا ينبغي أن يكون له أصل )) .

ومنهم : سليمان بن داود ، أبو داود الطيالسي البصري :

حدث من حفظه فوهم ، وكان حفظه كثير جداً ، يقال : إنه حدث من حفظه بأصبهان بأربعين ألف حديث ، فأخطأ فيها في مواضع وليس ذلك بعجيب منه . ويقال : إنه أخطأ في ألف حديث .

ومن جملة ما أخطأ فيه أنه روى عن شعبة عن سعيد بن قطن عن أبي زيد الأنصاري مرفوعاً : (( من لم يرحم صغيرنا فليس منا )) .

ويقال : إنه نظر في كتابه فلم يجده ، وقد ذكرنا هذا الحديث والاختلاف فيه في كتاب البر والصلة .

ومنهم : يونس بن يزيد الأيلي صاحب الزهري :

قال أحمد : (( إذا حدث من حفظه يخطئ )) .

[و] قال أبو عثمان البرذعي : (( سألت أبا زرعة عن يونس في غير الزهري ؟ )) فقال : (( ليس بالحافظ )) . قال وقال لي أبو حاتم وكان شاهداً سمعت عليّ بن محمد الطنافسي يذكر عن وكيع ، قال : (( لقيت يونس بن يزيد بمكة فجهدت به الجهد على أن يقيم حديثاً ، فلم يقدر عليه )) .

قال أبو زرعة : (( كان صاحب كتاب ، فإذا حدث من حفظه لم يكن عنده شئ  )) .

وكذا قال ابن المبارك وابن مهدي في يونس : (( إن كتابه صحيح )) .

[و] قال ابن مهدي : (( لم أكتب حديث يونس بن يزيد إلا عن ابن المبارك ، فإنه أخبرني أنه كتبها عنه من كتابه )) .

ومنهم : عبد الصمد بن حسان :

ذكر البخاري في تاريخه : (( أنه يهم من حفظه ، قال : واصله صحيح )) .

وقد ذكر أحمد : أ أبا عوانة كان يحدث من حفظه فيخطئ .

وكذلك يحيى بن أيوب المصري :

قال أحمد : (( كان إذا حدث من حفظه يخطئ ، وإذا حدث من كتابه ليس به بأس )) .

وقد حدث يحيى من حفظه عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة في قراءة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الوتر . فقال أحمد : من يحتمل هذا ؟! يعني أنه خطأ فاحش .

وقال أبو زرعة في : سويد بن سعيد :

(( أما كتبه فصحاح ، كنت أتتبع أصوله وأكتب منها ، فأما إذا حدث من حفظه فلا )) .

وقال البخاري : (( أبو يونس والمدني : ما روى من أصل كتابه فهو أصح )) .

وقال ابن المبارك في : إبراهيم بن طهمان

وأبي حمزة السكري : (( كانا صحيحي الكتب )) .

وهذا يدل على أن حفظهما كان فيه شئ عنده .

النوع الثاني

من ضُعّف حديثه في بعض الأماكن دون بعض

وهو على ثلاثة أضرب :

أحدها : من حدث في مكان لم يكن معه فيه كتبه فخلط ، وحدث في مكان آخر من كتبه فضبط ، أو من سمع في مكان من شيخ فلم يضبط عنه ، وسمع منه في موضع آخر فضبط .

فمنهم : معمر بن راشد :

حديثه بالبصرة فيه اضطراب كثير ، وحديثه باليمن جيد .

قال أحمد في رواية الأثرم : (( حديث عبد الرزاق عن معمر أحب إلى من حديث هؤلاء البصريين ، كان يتعاهد كتبه وينظر – يعني باليمن - ، وكان يحدثهم بخطأ بالبصرة )) .

وقال يعقوب بن شيبة : (( سماع أهل البصرة من معمر حين قد عليهم فيه اضطراب ،لأن كتبه لم تكن معه )) .

فمما اختلف فيه باليمن والبصرة : حديث : (( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة )) .

رواه باليمن عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل مرسلاً ، ورواه بالبصرة عن الزهري عن أنس ، والصواب مرسل .

ومنه : حديث : (( إنما الناس كإبل مائة )) .

رواه باليمن عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعاً ، ورواه بالبصرة مرة كذلك ، ومرة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة .

ومنه حديثه عن الزهري عن سالم عن أبيه : (( أن غيلان أسلم وتحته عشرة نسوة .. الحديث )) .

قال أحمد في رواية ابنه صالح : (( معمر أخطأ بالبصرة في إسناد حديث غيلان ، ورجع باليمن فجعله منقطعاً )) .

ومنهم : هشام بن عروة :

وقد سبق قول الإمام أحمد : (( كأن رواية أهل المدينة عنه أحسن ، أو قال : أصح )) .

وقال يعقوب بن شيبة : (( هشام مع تثبته ربما جاء عنه بعض الاختلاف )) .

وذلك فيما حدث بالعراق خاصة ، ولا يكاد يكون الاختلاف عنه فيما يفحش ، يسند الحديث أحياناً ، ويرسله أحياناً لا أنه يقلب إسناده ، كأنه على ما تذكر من حفظه . يقول عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ويقول عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا أتقنه أسنده ، وإذا هابه أرسله .

وهذا فيا نرى أن كتبه لم تكن معه بالعراق فيرجع إليها . والله أعلم .

ومنهم : عبد الرحمن بن أبي الزناد :

وقد وثقه قوم ، وضعفه آخرون ، منهم يحيى بن معين .

وقال يعقوب بن شيبة : (( سمعت علي بن المديني يضعف ما حدث به ابن أبي الزناد بالعراق ، ويصحح ما حدث به بالمدينة )) .

قال : وسمعت ابن المديني يقول : (( ما روى سليمان الهاشمي عنه فهي حسان ، نظرت فيها فإذا هي مقاربة ، وجعل عليّ يستحسنها )) .

ومنهم : يزيد بن هارون :

قال صالح بن أحمد قال أبي : (( يزيد بن هارون من سمع منه بواسط هو أصح ممن سمع منه ببغداد ، لأنه كان بواسط يلقن فيجع إلى ما في الكتب )) .

ومنهم : عبد الرزاق بن همام الصنعاني :

وقد تقدم ذكره . قال أحمد في رواية الأثرم : (( سماع عبد الرزاق بمكة من سفيان مضطرب جداً ، روى عنه عن عبيد الله أحاديث مناكير ، هي من حديث العمري . وأما سماعه باليمن فأحاديث صحاح )) .

قال أبو عبد الله أحمد : (( قال عبد الرزاق : كان هشام بن يوسف يكتب بيده – وأنا أنظر – يعني عن سفيان باليمن – قال عبد الرزاق قال سفيان : إيتوني برجل خفيف اليد ، فجاؤوه بالقاضي ، وكان ثمّ جماعة يسمعون لا ينظرون في الكتاب . قال عبد الرزاق : وكنت أنا أنظر ، فإذا قاموا ختم القاضي الكتاب )) .

قال أبو عبد الله : (( لا أعلم أني رأيت ثمّ خطأ إلا في حديث بشير بن سلمان عن سيار ، قال : أظن أني رأيته عن سيار عن أبي حمزة ، فأراهم أرادوا عن سيار أبي حمزة ، فغلطوا فكتبوا عن سيار عن أبي حمزة )) .

هذا كله كلام أحمد رحمه الله ليبين به صحة سماع عبد الرزاق باليمن من سفيان ، وضبط الكتاب الذي كتب هناك عنه .

وذكر لأحمد حديث عبد الرزاق عن الثوري عن قيس عن الحسن ابن محمد عن عائشة قالت : (( أهدي للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشيقة لحم وهو محرم يأكله )) ، فجعل أحمد ينكره إنكاراً شديداً . وقال : (( هذا سماع مكة )) .

ومنهم : عبيد الله بن عمر العمري :

ذكر يعقوب بن شيبة أن في سماع أهل الموفة منه شيئاً .

ومنهم : الوليد بن مسلم الدمشقي :

صاحب الأوزاعي ، ظاهر كلام [الإمام] أحمد أنه حدث بغير دمشق ففي حديثه شئ .

قال أبو داود : (( سمع أبا عبد الله سئل عن حديث الأوزاعي عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( عليكم بالباءة ؟ قال : هذا من الوليد يخاف أن يكن ليس بمحفوظ عن الأوزاعي ، لأنه حدث به الوليد بحمص ، ليس هو عند أهل دمشق )) .

وتكلم أحمد أيضاً فيما حدث به الوليد من حفظه بمكة .

ومنهم : المسعودي :

 وقد سبق قول أحمد فيه : (( أن من سمع منه بالكوفة فسماعه صحيح ، ، ومن سمع منه ببغداد فسماعه مختلط )) .

الضرب الثاني

من حدث عن أهل مصر أو إقليم فحفظ حديثهم

وحدث عن غيرهم فلم يحفظ

فمنهم : إسماعيل بن عياش الحمصي أبو عتبة :

إذا حدث عن الشاميين فحديثه عنهم جيد وإذا حدث عن غيرهم فحديثه مضطرب ، هذا مضمون ما قاله الأئمة فيه ، منهم أحمد ، ويحيى ، والبخاري ، وأبو زرعة .

وقد ذكر الترمذي ذلك [أيضاً] في كتاب الوصايا في باب ما جاء (( لا وصية لوارث )) . وذكرنا هناك كلام الحفاظ بألفاظهم في هذا المعنى ، وذكرنا كلامهم في إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد في ترجيح أحدهما على الآخر بما فيه كفاية .

ومنهم : بقية بن الوليد الحمصي أبو يحمد :

وهو مع كثر رواياته عن المجهولين الغرائب والمناكير فإنه إذا حدث عن الثقات المعروفين ولم يدلس فإنما يكون حديثه جيداً عن أهل الشام كبحير بن سعد ، ومحمد بن زياد ، وغيرهما .

وأما رواياته عن أهل الحجاز وأهل العراق فكثيرة المخالفة لروايات الثقات ، كذا ذكره ابن عدي وغيره . وذكر سعيد البرذعي قال قال لي أبو زرعة في حديث أخطأ فيه بقية عن المسعودي : (( إذا نقل حديث الكوفة إلى حمص يكون هكذا )) .

ومنهم : معمر بن راشد أيضاً :

كان يضعف حديثه عن أهل العراق خاصة .

قال ابن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول : (( إذا حدثك معمر عن العراقيين فخفه إلا عن الزهري ، وابن طاوس ، فإن حديثه عنهما مستقيم ، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا ، وما عمل في حديث الأعمش شيئاً )) .

ومنهم : فرج بن فضالة حمصي :

قال إسحاق بن هانئ سئل عنه أبو عبد الله يعني أحمد ؟ فقال : (( أما ما روى عن الشاميين فصالح الحديث ، وأما ما روى عن يحيى بن سعيد فمضطرب )) .

قلت : ومما أنكر من حديثه عن يحيى بن سعيد حديث : (( إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء )) ، وقد خرجه الترمذي في كتابه الفتن ، وسبق الكلام عليه .

ومنهم : خالد بن مخلد القطواني :

ذكر الغلابي في تاريخ قال : (( القطواني يؤخذ عنه مشيخه المدينة ، وابن بلال قط )) . يريد سليمان بن بلال .

ويعني بهذا أنه لا يؤخذ عنه إلا حديثه عن أهل المدينة ، وسليمان ابن بلال منهم ، لكنه أفرده بالذكر

[ وقال الإمام أحمد : (( كان ابن عيينة حافظاً ، إلا أنه في حديث الكوفيين له غلط كثير )) ] .

الضرب الثالث

من حدث عنه أهل مصر أو إقليم

فحفظوا حديثه ، وحدث عنه غيرهم فلم يقيموا حديثه

فمنهم : زهير بن محمد الخراساني :

ثم المكي ، يكنى أبا المنذر ، ثقة ، متفق على تخريج حديثه ، مع أن بعضهم ضعفه .

وفصل الخطاب في حال رواياته أن أهل العراق يروون عنه أحاديث مستقيمة ، وما خرج عنه في الصحيح فمن رواياتهم عنه .

وأهل الشام يروون عنه روايات منكرة ، وقد بلغ ( الإمام ) أحمد بروايات الشاميين عنه إلى أبلغ من الإنكار ، قال أحمد في رواية [ الأثرم : (( الشامييون يروون عنه أحاديث مناكير ، ثم قال : (( ترى )) هذا زهير بن محمد الذي يروي عنه أصحابنا )) .

ثم قال : أما رواية أًحابنا عنه فمستقيمة : عبد الرحمن بن مهدي وأبو عامر أحاديث مستقيمة صحاح ، وأما أحاديث أبي حفص التنيسي عنه فتلك بواطيل موضوعة ، أو نحو هذا )) أما بواطيل فقد قاله )) ] .

وقال البخاري في زهير : (( روى عنه ابن مهدي ، والعقدي ، وموسى بن مسعود ، روى عنه أهل الشام أحاديث مناكير )) .

قال أحمد : (( كأن الذي روى عنه أهل الشام زهير آخر )) .

وقال البخاري أيضاً : (( روى عنه الوليد بن مسلم وعمرو ابن أبي سلمه مناكير عن ابن المنكدر ، وهشام بن هروة ، وأبي حازم

قال أحمد :كأن الذي روى عنه أهل الشام زهيرآخرفقلبوا اسمه))

[وقال أبو حاتم (( في حفظه سوء )) وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه ،فما حدث من حفظه ففيه أغاليط ،وما حدث من كتبه فهو صالح )) ]

قال ابن عدي : (( لعل الشاميين حيث رووا عنه أخطأوا عليه ،فإنه إذاحدث عنه أهل العراق فرواياتهم عنه شبه المستقيم ،وأرجو أنه لابأس به )) انهى

وقد خرج له الترمذي من رواية الشاميين عنه غير حديث: كحديث : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم تسليمة واحدة ))

وحديث : (( قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه سورة الرحمن الحديث .

والحاكم يخرج من روايات الشاميين عنه كثيراً ، كالوليد بن مسلم ، وعمرو بن أبي سلمة ، ثم يقول : (( صحيح على شرطهما )) . وليس كما قال :

ومنهم : محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب :

المدني : الفقيه ، الإمام الرباني .

ذكر مسلم في كتاب التمييز أن سماع الحجازيين منه – يعني أنه صحيح – قال : (( وفي حديث العراقيين عنه وهم كثير ، قال : ولعله كان يلقن فيتلقن )) يعني بالعراق .

وذك رأن ذكر الاستسعاء في العتق في حديث ابن عمر إنما رواه عن ابن أبي ذئب ابن أبي بكير . قال : وسماعه منه بالعراق فيما نرى ، وأما ابن أبي فديك فلم يذكر عنه السعاية ، وهو سماع الحجازيين))

ومنهم : أيوب بن عتبة اليمامي :

ذكر أبو عثمان البرذعي عن أبي زرعة قال : (( حديث أهل العراق عن أيوب بن عتبة ضعيف ، ويقال . حديثه باليمامة صحيح )) .

النوع الثالث

قوم في أنفسهم لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف

بخلاف حديثهم عن بقية شيوخهم

وهؤلاء جماعة كثيرون :

فمنهم : حماد بن سلمة البصري رضي الله عنه :

قد ذكرنا فيما تقدم أنه أثبت الناس حديثاً عن ثابت .

وكذلك حديث علي بن زيد بن جدعان هو حافظ له ، وقد ذكرنا ذلك فيما سبق أيضاً .

قال يعقوب بن شيبة : (( حماد بن سلمة ثقة ، في حديثه اضطراب شديد ، إلا عن شيوخ ، فإنه حسن الحديث عنهم ، متقن لحديثهم ، مقدم على غيره فيهم ، منهم : ثابت البناني ، وعمار بن أبي عمار ، وغيرهما )) .

وقال أحمد في رواية الأثرم : (( لا أعلم أحداً أحسن حديثاً عن حميد من حماد بن سلمة ، سمع منه قديماً ، يروي أشياء مرة يرفعها ومرة يوقفها . قال : وحميد يختلفون عنه اختلافاً شديداً )) .

وقال في رواية أبي الحارث : (( ما أحسن ما روى حماد عن حميد )) .

وقال في رواية أبي طالب : (( حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد وأصح حديثاً )) .

وقال أيضاً في روايته : (( حمدا بن سلمة أثبت الناس في حميد الطويل ، سمع منه قديماً ، يخالف الناس في حديثه ، يعني في حديث حميد .

وقال أحمد في رواية علي بن سعيد : (( محمد بن زياد صاحب أبي هريرة ثقة ، وأجاد حماد بن سلمة

الرواية عنه . وأما سماعه من أيوب فسمع منه قديماً قبل حماد بن زيد ثم تركه ، وجالسه حماد بن زيد

فأكثر عنه ، وكان حماد بن زيد أعلم بحديث أيوب من حماد ابن سلمة ، قاله الإمام أحمد أيضاً .

وقال في رواية حنبل : (( حماد بن سلمة يسند عن أيوب أحاديث لايسندها الناس عنه ))

وأما الشيوخ ألذين تكلم في رواية حمادعنهم : فمنهم : قيس بن سعد ، قال أحمد : ضاع كتابه عنه،فكان يحدث من حفظه فيخطئ )) .

وضعف يحيى بن سعيد القطان روايات حماد بن سلمه عن قيس ابن سعد ورواياته عن زياد الأعلم

قال البيهيقي (( حماد ساء حفظه في اخر عمره ، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف ، ويجتنبون ما تفرد به عن قيس خاصه )) .

وقد ذكرنا في الزكاة حديث حماد عن قيس عن أبي بكر بن حزم في فرائض الصدقة

وقال أحمد في رواية الأثرم : (( حماد بن سلمه إذا روى عن الصغار أخطأ وأشار إلى روايته عن داود بن أبي هند . 

وقال مسلم في كتاب التمييز ، (( اجتماع أهل الحديث من علمائهم على أن أثبت الناس في ثابت حماد بن سلمه ، كذلك قال يحيى القطان ،ويحيى بن معين ، أحمد بن حنبل ، وغيرهم من أهل المعرفة)) .

(( وحماد يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة وأيوب ، وداود بن لأبي هند ، والجريري ، ويحيى بن سعيد ، وعمرو بن دينار ، وأشباههم فإنه يخطئ في حديثهنم كثيراً ، وغير حمادفي في هؤلاء أثبت عندهم ، كحماد بن زيد ، وعبد الوارث،ويزيد بن زربع ))

ومع هذا فقد خرج مسلم في صحيحه لحماد بن سلمه عن أيوب ، وقتادة ، وداود بن أبي هند ، والجريري ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ولم يخرج حديثه عن عمرو بن دينار ، ولكن إنما خرج حديثه عن هؤلاء فيما تابعه عليه غيره من الثقات ، ووافقوه عليه ، لم يخرج له عن أحد منهم شيئاً تفرد به عنه .

وقد قيل : إن من سمع من حماد تصانيفه فليس حديثه بذاك ومن سمع منه النسخ التي كانت عنده عن شيوخه فسماعه جيد

قال جعفر الطيالسي عن يحيى بن معين : ((من سمع من حماد بن سلمه الأصناف ففيها اختلاف ، ومن سمع من حماد بن سلمه نسخها فهو صحيح ))

 ومنهم : جرير بن حازم البصري :

ثقة ثبت على تخريج حديثه ، وقد تغير قبل موته بسنة ، لكن قال ابن مهدي : (( حجة أولاده فلم يسمع منه في اختلاطه شئ ، ولكن يضعف في حديثه عن قتادة )) .

وقال أحمد : (( كان يحدث بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها بواطيل )) .

وقال أيضاً : (( كأن حديثه عن قتادة غير حديث الناس ، يسند أشياء ويوقف أشياء )) .

وقال عبد الله بن أحمد عن يحيى بن معين : (( ليس به بأس ، قال عبد الله : فقلت له : يحدث عن قتادة عن أنس بأحاديث مناكير ، ليس بشئ هو عن قتادة ضعيف )) .

وقد أنك عليه أحمد ، ويحيى ، وغيرهما من الأئمة أحاديث متعددة يرويها عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وذكروا أن بعضها مراسيل أسندها .

فمنها : حديثه بهذا الإسناد في الذي توضأ وترك على قدمه لمعة لم يصبها الماء .

ومنها : حديثه في قبيعة سيف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنها كانت من فضة .

ومنها : حديثه في الحجامة في الأخدعين والكاهل .

ومنها : حديثه : (( كانت قراءة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مداً )) .

ومنها : حديثه في صفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( أنه كان ضخم الكفين والقدمين ))

ولكن هذان الحديثان خرّجا في الصحيح ، وقد تابعه عليهما عمرو بن عاصم وغيره .

وقد ذكر ابن عدي لجرير أحاديث أخر عن قتادة عن أنس ذكر أنه لا يتابع عليها .

وحديثه عن أيوب السختياني : قال أحمد : (( جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب )) .

وحديثه عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال مسلم في كتاب التمييز : (( لم يمعن في الرواية عنه إنما روى من حديثه نزراً يسيراً لا يكاد يأتي بها على التقويم والاستقامة )) .

وأنكر حديثه عن يحيى بن عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمرها بالقضاء لما أفطرت في صيا م التطوع ، وكذلك أنكره الإمام أحمد ، والنسائي وغيرهما . وقد ذكرنا هذا الحديث في كتاب الصيام .

وروى جرير بن حازن عن ثابت عن أنس حديث (( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني ))  فبلغ ذلك حماد بن زيد فأنكره وقال : إنما سمعه من حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عبدالله بن أبي قتادة عن أبيه في مجلس ثابت ، فظن أنه سمعه من ثابت )) .

ومنهم : محمد بن عجلان :

في رواياته عن سعيد المقبري ، وقد سبق حكايتها من قبل .

ومنهم : عاصم بن بهدلة :

وهو عاصم بن أبي النجود القارئ ، كان حفظه سيئاً وحديثه خاصة عن زر ، وأبي وائل مضطرب ، كان يحديث بالحديث تارة عن زر ، وتارة عن أبي وائل .

قال حنبل بن إسحاق : نا مسدد أبو زيد الواسطي عن حماد ابن سلمة قال : (( كان عاصم يحدثنا بالحديث الغداة عن زر ، وبالعشي عن أبي وائل )) .

قال العجلي : (( عاصم ثقة في الحديث ، لكن يختلف عليه في حديث زر وأبي وائل )) .

ومنهم : هشان بن حسان :

قال يعقوب بن شيبة : (( هو يعد في أصحاب ابن سيرين ومن العلماء به ، وليس يعد من المتثبتين في غير ابن سيرين )) .

ومنهم : سليمان التيمي :

أحد أعيان الأئمة ، البصريين :

قال أبو بكر الأثرم في كتاب الناسخ والمنسوخ : (( كان التيمي من الثقات ، ولكن كان لا يقوم بحديث قتادة )) .

وقال أيضاً : (( لم يكن التيمي من الحفاظ من أصحاب قتادة )) . وذكر له أحاديث وهم فيها عن قتادة :

منه : حديثه عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( إنما جعل الإمام ليؤتم به )) قال فيه : (( وإذا قرأ فأنصتوا )) ولم يذكر هذه اللفظة أحد من أصحاب قتادة الحفاظ .

ومنها : أنه روى عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( أوصى عنده بالصلاة وما ملكت أيمانكم )) . وإنما رواه قتادة عن أبي الخليل عن سفينة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (( وهذا خطأ فاحش )) .

ومنها : أنه روى عن قتادة عن يونس بن جبير عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( أنه صعد أحداً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فاهتز الجبل .. الحديث )) . و,إنما رواه قتادة عن أنس .

ومنها : أنه روى عن قتادة أن أبا رافع حدثه . ولم يسمع قتادة من أبي رافع شيئاً . وقد ذكر الأثرم في العلل أنه عرض هذا الكلام كله على أحمد ؟ قال فقال أحمد : (( هذا اضطراب )) . هكذا حفظت .

وحديث سليمان التيمي في الانصات إذا قرأ الإمام خرجه مسلم في صحيحه ، وقد أنكر هذه الزيادة غير واحد من الحفاظ كما ذكرناه في موضعه من كتاب الصلاة .

وحديث سليمان عن قتادة أن أبا رافع حدثه ، قد خرجه البخاري في صحيحه ، وهو في حديث ك (( إن الله كتب كتاباً فهو عنده أن رحمتي سبقت غضبي )) .

وكان شعبة ينكر سماع قتادة من أبي رافع .

وقال أحمد : (( لم يسمع قتادة من أبي رافع )) . نقله عنه الأثرم .

ومنهم : جعفر بن برقان الجزري :

ثقة مشهور ، لكن حديثه عن الزهري خاصة مضطرب .

قال عبد الله بن أحمد سألت أبي عن جعفر بن برقان ؟ قال: (( إذا حدث عن غير الزهري فلا بأس . ثم قال : في حديث الزهري يخطئ )) .

وقال الميموني عن أحمد : (( جعفر بن برقان ضابط لحديث ميمون ، وحديث يزيد بن الاسم . وهو حديث الزهري يضطرب ويختلف فيه )) .

وقال ابن معين : (( هو ضعيف في الزهري )) .

وقال يحيى مرة : (( ليس هو في حديث الزهري بشئ )) .

ونقل إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين قال : (( جعفر ابن برقان ثقة فيما روى عن غير الزهري ، وأما ما روى عن الزهري فهو فيه ضعيف ، وكان أمياً لا يكتب ، وليس هو مستقيم الحديث عن الزهري ، وهو في غير الزهري أصح حديثاً )) .

وقال يعقوب بن شيبة قلت لابن معين : (( أما روايته عن الزهري فليست مستقيمة ؟ قال : نعم )) .

وقال ابن نمير : (( هو ثقة ، أحاديثه عن الزهري مضطربة )) .

قال البرقاني : (( سألت الدار قطني – وأبو الحسين بن مظفر حاضر – عن جعفر بن برقان ؟ فقالا جميعاً : قال أحمد بن حنبل : (( يؤخذ من حديثه ما كان عن غير الزهري ، فأما عنه فلا ، قلت : قد لقيه ، فما بلأوه ؟ قال : ربما حدث الثقة عن ابن برقان عن الزهري ، أو يقول : بلغني عن الزهري ، قال : فأما حديثه عن ميمون بن مهران ويزيد بن الأصم فثابت صحيح )) .

وقال ابن عدي : (( هو ضعيف في الزهري خاصة ، وكان أمياً ، ويقيم روايته عن غير الزهري ، وثبتوه في ميمون بن مهران وغيره )) .

وكذا قال العقيلي : (( هو ضعيف في روايته عن الزهري )) .

وذكر له حديثه عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( أنه نهى عن لبستين وبيعتين ونكاجين وعن مطعمين )) ، وذكر الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر ، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على وجهه )) .

(و) قال : لا يتابع عليه من حديث الزهري .

وأما الكلام فيروى من غير حديث الزهري بأسانيد صالحة ما خلا الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر ، فالرواية فيها لين .

وقال مسلم في كتاب التمييز : (( جعفر بن برقان أعلم الناس بميمون بن مهران ويزيد بن الأصم ، فأما روايته عن غيرهما كالزهري وعمرو بن دينار وسائر الرجال فهو فيها ضعيف الركن ردئ الضبط في الرواية عنهم )) .

قلت : لا يبعد أن يكون حديثه عن أهل الجزيرة خاصة محفوظاً ، بخلاف حديثه عن غيرهم ، وتحقيق هذا يحتاج إلى سبر أحاديثه عن غير الجزريين : كعكرمة ، ونافع .

ومنهم : معقل بن عبيد الله الجزري :

ثقة ، كان أحمد يضعف حديثه عن أبي الزبير خاصة ، ويقول : يشبه حديثه ابن ليهعة ، ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك فلينظر إلى أحاديثه عن أبي الزبير فإنه يجدها عند ابن ليهعة يرويها عن أبي الزبير كما يرويها معقل سواء .

ومما أنكر على معقل بهذا الإسناد حديث الذي توضأ لمعة لم يصبها الماء ، وحديث النهي عن ثمن السنور ، وقد خرجهما مسلم في صحيحه .

[ وكذلك حديث : (( لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده )) ] .

ومنهم : المغيرة بن مسلم :

أحاديثه عن أبي الزبير خاصة مستنكرة .

قال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى بن معين – وسئل عن المغيرة بن مسلم - ؟ فقال : (( ما أنكر حديثه عن أبي الزبير )) .

وقال النسائي في كتابه : (( عنده عن أبي الزبير غير حديث منكر )) ، وخرج حديثه عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً : (( إذا استهل الصبي ورث وصلى عليه ))   .

وخرجه من طريق ابن جريج عن أبي الزبير موقوفاً ، وقال : (( هو أصح )) .

وقد ذكرنا له حديثاً آخر في كتاب الأطعمة في النهي عن [ بيع ] الجلالة بهذا الإسناد وهو أيضاً منكر ، وقد روي من وجه آخر عن أبي الزبير مرسلاً ، وهو أصح )) .

ومنهم : عكرمة بن عمار اليمامي :

وهو ثقة ، لكن حديثه عن يحيى بن أبي كثير خاصة مضطرب لم يكن عنده في كتاب ، قاله يحيى القطان وأحمد والبخاري وغيرهم .

وحديثه عن إياس بن سلمة الأكوع متقن ، قاله أحمد .

وقال في رواية حرب : (( هو في غير يحيى ثبت )) .

وقد أنكر عليه حديثه عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة في استفتاح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الصلاة بالليل ، وقد خرجه مسلم في صحيحه ، وخرجه الترمذي في الدعاء ، وذكرنا هناك كلام الأئمة بألفاظهم في رواية عكرمة عن يحيى .

وأنكر عليه أيضاً حديثه بهذا الإسناد : (( لا يقبل الله صلاة بغير طهور )) ، وقد ذكرناه في أول الكتاب .

وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله : (( هو مضطرب عن غير إياس ابن سلمة ، وكأن حديثه عن إياس بن سلمة صالح )) .

ومنهم : سماك بن حرب :

وقد وثقه جماعة ، وخرج حديثه مسلم ، ومن الحفاظ من ضعف حديثه عن عكرمة خاصة ، وقال : (( يسند عنه عن ابن عباس ما يرسله غيره )) .

وقال ابن المديني : (( روالية سماك عن عكرمة مضطربة ، سفيان وشعبة يجعلونها عن عكرمة ، وغيرهما يقول : عن ابن عباس إسرائيل وأبو الأحوص )) .

ومنهم من ضعف في آخر عمره وقال : (( كان يلقن حينئذ )) . وقد ذكرنا ذلك كله مستوفى في أول الكتاب .

ومنهم : عمرو بن أبي عمرو المدني :

مولى المطلب بن حنطب وهو ثقة متفق على تخريج حديثه ، مع أنه تكلم فيه ابن معين ، وقال : (( روى عنه مالك ، وكان يستضعفه )) .

وقال البخاري : (( هو صدوق ، لكن روى عن عكرمة مناكير ولم يذكر في شئ منها أنه سمع من عكرمة )) نقله عنه الترمذي في كتاب العلل ، ولم يخرج له في الصحيح شئ عن عكرمة ، وقد روي عنه حديث : (( من وقع على بهيمة فاقتلوه )) .

وقال أحمد : (( كل أحاديثه عن عكرمة مضطربة ، لكنه نسب الاضطراب إلى عكرمة لا إلى عمرو))

[ ومنهم : داود بن الحصين :

روى عنه مالك ، وخرجا حديثه في الصحيحين وتكلم فيه طائفة .

وقال ابن المديني : (( ما روى عن عكرمة فمنكر )) . وهذا يقتضي اختصاص نكارة بما رواه عن عكرمة ] .

ومنهم : الأوزاعي إمام أهل الشام :

تكلم طائفة في حديثه عن الزهري خاصة ، وقد ذكرنا ذلك في ذكر أصحاب الزهري .

وتكلم [ الإمام ] أحمد في حديثه عن يحيى بن أبي كثير خاصة ، وقال : (( لم يكن حفظه جيداً فيخطئ فيه ، وكان يروي عن يحيى بن أبي قلابة عن أبي المهاجر ، وإنما هو أبو المهلب )) .

وذكر له حديث الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة (( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل متى كنت نبياً ؟ )) فأنكره وقال : (( هذا من خطأ الأوزاعي )) . وقد ذكرنا ذلك في أول كتاب المناقب .

وقال مهنا : سألت أحمد عن حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير ؟ قال أحمد : كان كتاب الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قد ضاع منه فكان يحدث عن يحيى بن أبي كثير حفظاً )) .

ومنهم : الأعمش : سليمان بن مهران : حافظ أهل الكوفة .

وشعبة بن الحجاج : حافظ أهل البصرة .

وسفيان بن عيينة : محدث الحجاز بعد مالك :

حكى ابن البرّاء في كتاب العلل عن علي بن المديني قال : (( الأعمش كثير الوهم في أحاديث هؤلاء الصغار ، مثل الحكم ، وسلمة بن كهيل ، وحبيب بن أبي ثابت ، وأبي إسحاق ، وما أشبههم )) .

وقال ابن المديني : (( الأعمش يضطرب في حديث أبي إسحاق )) .

[و] قال يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني : (( حديث الأعمش عن الصغار كأبي إسحاق وحبيب وسلمة ليس بذاك )) .

وعن ابن المديني عن يحيى بن سعيد قال : (( كان سفيان الثوري يحفظ عن الصغار والكبار )) يعني أن الأعمش ليس كذلك .

قال يحيى : (( كان شعبة إذا جاء حديث الصغار لم يحفظ )) .

قال علي : (( وكان سفيان بن عيينة أيضاً حديثه عن الصغار ليس بذاك )) .

قال يعقوب بن شيبة : (( الحكم بن عتيبة [ هو ] من صغار شيوخ الأعمش ، وليس هو من صغار شيوخ شعبة )) .

ومنهم : منصور بن المعتمر :

هو من أثبت الناس في مجاهد ، كما سبق .

قال أحمد في رواية ابنه صالح : (( منصور إذا نزل إلى المشايخ اضطرب : إلى أبي إسحاق ، والحكم ، وحبيب بن أبي ثابت ، وسلمة ابن كهيل . روى حديث أم سلمة في الوتر ، خالف فيه ، وحديث ابن أبزي خالف فيه )) .

ومنهم : حماد بن زيد :

كان يخلط في حديث يحيى بن سعيد،وكان عنده كتاب عنه ، لم يكن عنده كتاب غيره ، قاله [يحيى ]

بن معين ، وقد سبق ذكر كلامه .

ومنهم : حبيب بن أبي ثابت :

عالم كبير ثقة متفق على حديثه  أحادية عن عطاء خاصة ليست محفوظة

قال أبوبكر بن خلاد سمعت يحيى بن سعيد يقول : (( حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليست محفوضة ، سمعته يقول : إن كانت محفوظة فقد نزل عنها ، يعني عطاء ))

وحديث حبيب بن عروة أيضاً ، قال أحمد ويحيى : (( هو منكر وله عنه حديثان

أحدهما : (( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  كان يقبل ثم يصلي ولايتوضا ))

والأخر في المسحاضة : (( تصلي وإن قطر الدم على الحصير ))

وقد سبق الكلام عليها مستوف في كتاب الطهارة

وله حديث اخر عن عروة في الدعاء ، سبق ايضاً في كتاب الدعاء وقد اختلف ف سماعة له من عروة

ومن أحاديثه عن عطاء عن عائشة (( أنها سرق لها شيئ ، فجعلت تدعو عليه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : لاتسبحي عليه ))

قال العقيلي : (( وله عن عطاء غير حديث لايتابع عليه ))

وهذا الحديث المشار إليه خرجه الترمدي في أواخر الأدعيه ، وسبق الكلام عليه هناك

ولم يخرج له في الصحيح شيئ عن عطاء بن أبي رباح

ومما يستغرب أن حبيب بن أبي ثابت يروي عن عطاء ، ويروي عطاء عنه

 ومنهم : عبد الكريم بن مالك الجزري :

ثقة كبير روى عنه مالك وغيره ، ولكن أحايثه عن عطاء تكلم فيها

قال ابن معين : (( أحاديثه عن عطاء ردية ))

ومما أنكر من حديثه عن عطاء :

حديثه عن عطاء عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( كان يقبل ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ )) .

وحديثه عن عطاء عن جابر قال : (( كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم )) .

ومنهم : معمر بن راشد :

(و) ضعف حديثه عن ثابت خاصة ، وقد تقدم ذكر ذلك عن علي ابن المديني وغيره .

وكذا قال ابن معين : (( حديث معمر عن ثابت ضعيف )) .

ومما أنكر عليه أنه حدث عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحديث قصة جلبيب ، وأخطأ في إسناده ، إنما رواه ثابت عن كنانة بن نعيم عن أبي برزة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (و) كذا رواه حماد بن سلمة عن ثابت .

ومنهم : مطر بن طهمان الوراق البصري

ضعفه أحمد ويحيى في عطاء خاصة .

قال أحمد : (( هو مضطرب الحديث عن عطاء )) .

ومنهم : أبو معشر نجيح السندي :

قال مضر بن محمد عن يحيى بن معين : (( يكتب حديثه مما روى عن محمد بن قيس وعن محمد بن كعب القرظي وعن مشايخه ، وأما ما روى عن المقبري ، وعن نافع ، وهشام ، فهو فيه ضعيف ، فلا يكتب )) .

قال يزيد بن الهيثم عن يحيى بن معين : (( اكتبوا عن أبي معشر حديث محمد بن كعب في التفسير ، وأما أحاديث نافع وغيرها فليس بشئ ، التفسير حسن )) . يعني ما يرويه عن محمد بن كعب القرظي في تفسير القرآن ، وغالبه أو جميعه من كلامه غير مرفوع .

ونظير هذا قول سعيد بن عبد العزيز الدمشقي في :

سعيد بن بشير :

كان غالب علمه التفسير ، خذ عنه التفسير ، ودع ما سوى ذلك ، فإنه كان حاطب ليل )) خرجه العقيلي .

وعكس هذا ما قاله الإمام أحمد في :

إسماعيل بن عبد الرحمن السدي : 

الكوفي صاحب التفسير ، قال : (( هو حسن الحديث ، وحديثه مقارب ، إلا أن هذا التفسير الذي يجئ به أسباط عنه عنه ، فجعل يستضمه ويقول : من أين قد جعل له أسانيد ، ما أدري ما ذاك )) .

وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله في :

إسماعيل بن مسلم المكي :

ما روى عن الحسن في القراءات ، فأما إذا جاء المسند يسند عن الحسن عن سمرة أحاديث مناكير ، وعن عمرو ابن دينار يسند عنه مناكير )) .

ونقل البرذعي عن أبي زرعة قال :

(( عبد الجبار بن عمر :

واهي الحديث ، وأما مسائله فلا بأس )) .

قال البرذعي : (( كأنه يقول : حديثه واهي ، ومسائله مستقيمة )) . يعني ما روى من المسائل عن ربيعة وغيره .

ومنهم : عمر بن إبراهيم البصري :

مختلف فيه ، وقال ابن عدي : (( له عن قتادة خاصة مناكير )) .

وهو رواي حديث العباس بن عبد المطلب في وقت المغرب ، وقد استنكره الإمام أحمد ، وسبق الكلام عليه في كتاب الصلاة مستوفى .

ومنهم : يزيد بن إبراهيم التستري البصري :

ثقة ، متفق على حديثه .

قال ابن عدي : (( أحاديثه مستقيمة ، إنما أنكرت عليه أحاديث رواها عن قتادة عن أنس )) .

وذكر عن (علي) بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول : (( يزيد بن إبراهيم عن قتادة ليس بذاك ))

ومنهم : عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد :

قال ابن عدي : (( هو ثبت في ابن جريج خاصة )) . يعني أنه في غيره ليس بذاك ، وقد ضعفه بعضهم مطلقاً .

ومنهم : هشان بن سليمان المخزومي :

 قال العقيلي : (( في حديثه عن غير ابن جريج وهم )) .

ثم خرّج له حديثاً من حديث عن الثوري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً : (( من حج البيت أو اعتمر فلم يرفث ولم يفسق كان كما ولدته أمه )) .

قال : (( ورواه الناس عن الثوري وغيره عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو الصواب )) .

ومنهم : ورقاء بن عمر اليشكري :

ثقة ، مشهور .

قال العقيلي : (( تكلموا فيه في حديثه عن منصور )) .

ثم ذكر من طريق عباس عن ابن معين قال : (( سمعت معاذ بن معاذ يقول ليحيى بن سعيد : سمعت حديث منصور . فقال يحيى : ممن سمعت حديث منصور ؟ قال : من ورقاء : لا يساوي شيئاً )) .

ومنهم : جماعة من أصحاب الزهري ضعفوا في الزهري خاصة :

منهم : سفيان بن حسين :

قال ابن معين : (( هم عن غير الزهري أثبت منه عن الزهري ، إنما سمع من الزهري بالموسم )) . يعني لم يصحبه ، ولم يجتمع به غير أيام الموسم .

وقال يحيى أيضاً فيه : (( ليس به بأس ، هو صالح . حديثه عن الزهري فقط ليس بذاك )) .

ومنهم : عبد الرزاق بن عمر الدمشقي :

قال أبو مسهر : (( ذهب سماعه من الزهري ، فيترك حديثه عن الزهري ، ويؤخذ عنه ما سواه )) .

وقال سعيد البرذعي : (( أحاديثه عن الزهري أشبه ، ليس فيها تلك المناكير ، إنما المناكير في حديثه عن الزهري ، قال : وتتبعت أحاديثه فوجدت حديثه عن إسماعيل بن عبيد الله مستقيماً )) .

ومنهم : إسحاق بن راشد الجزري :

قال ابن معي : (( ليس هو في الزهري بذاك ، قيل له : ففي غير الزهري ؟ قال : ليس به بأس )) .

قال ابن معين : (( ابن أبي ذئب :

ثقة ، [و] كانوا يقولون : حديثه عن الزهري فيه شئ )) .

وقال أيضاً : (( حديثه عن الزهري ضعيف ، يضعفونه في الزهري )) .

ومنهم جماعة من أصحاب عبيد الله بن عمر العمري ضعف حديثهم عنه خاصة :

فمنهم : عبد الرزاق بن همام :

قال ابن أبي مريم : (( قيل ليحيى بن معين : إن عبد الرزاق كان يحدث بأحاديث عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر ، ثم حدث بها عبيد الله ، فقال يحيى : لم يزل عبد الرزاق يحدث بها عن عبيد الله ، لكنها كانت منكرة )) . يعني أحاديثه عن عبيد الله بن عمر .

ومما أنكر من حديثه عن عبيد الله بن عمر أنه حدث عن نافع ابن عمرأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون الأبطح يعني المحصب ، وخالفه ، خالد بن الحارث ، قال سئل عبيد الله بن عمر عن المحصب والنزول به فحدثنا عبيد الله عن نافع قال : (( نزل بها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعمر وعبد الله بن عمر )) .

فخالف عبد الرزاق ولم يصله ، بل أرسله .

وقد اختلف على عبد الرزاق في لفظ الحديث أيضاً :

فمنهم من روى عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبا بكر وعمر لم يكونوا ينزلون بالأبطح ، فخالف في المتن أيضاً .

وقد ذكرنا في كتاب الحج ، وقد خرج مسلم والترمذي حديث عبد الرزاق هذا وخرج البخاري حديث خالد بن الحارث المرسل .

ومنهم : عبد العزيز بن محمد الدراوردي :

قال أحمد : (( أحاديثه عن عبيد الله بن عمر تشبه أحاديث عبد الله ابن عمر )) .

قال أبو حاتم الرازي : (( ظهر مصداق قول أحمد في حديث الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر : (( من أتى عرّافاً فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين ليلة )) قال : والناس يروونه عن عبد الله العمري عن نافع عن ابن عمر ، وليس يشبه هذا حديث عبيد الله .

ورواه الدراوردي عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن صفية بنت أبي عبيد الله عن عمر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

ثم قال : (( وعن عبيد الله بن عمر إنما رواه عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وهذا أصح من حديث أبي بكر بن نافع ، قاله ابن المديني .

وقد خرجه مسلم في صحيحه من طريق يحيى القطان عن عبيد الله كما ذكرنا[ه] .

وقال النسائي : (( الدراوردي ليس به بأس ، حديثه عن عبيد الله ابن عمر منكر )) .

ومنهم : قبيصة بن عقبة :

قال ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين : (( هو ثقة ، إلا في حديث سفيان الثوري ليس بذاك القوي ))

وقال يعقوب بن شيبة : (( كان ثقة صدوقاً فاضلاً ، تكلموا في روايته عن سفيان خاصة ، كان ابن معين يضعف روايته عن سفيان )) .

ومنهم : يعلى بن عبيد :

قال ابن معين : (( كان كثير الخطأ عن سفيان الثوري )) .

ومنهم : أبو معاوية الضرير محمد بن خازم :

قال أحمد : (( هو في حديث الأعمش أثبت منه في غيره )) .

وقال أيضاً : (( هو يضطرب في أحاديث عبيد الله )) يعني ابن عمر .

وقال أيضاً : (( هو في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها حفظاً جيداً )) .

وقال ابن نمير : (( كان أبو معاوية فيما كان عن غير الأعمش )) .

وقال عثمان بن أبي شيبة عن ابن المديني قال : (( أبو معاوية حسن الحديث عن الأعمش حافظ له ، وكان غير حديث الأعمش يقرأ عليه الكتب )) . يعني أنه كان لا يحفظه .

وقد سبق الكلام في الأعمى إذا قرئ حديثه عليه من كتاب ، وهو لا يحفظه .

ومنهم : محمد بن كثير الصنعاني :

حديث عن معمر منكر ، قاله أحمد وغيره .

قال أحمد : (( سمع من معمر ، ثم أرسل إلى اليمن أخذ كتبه فحدث منها )) .

وقد وصل عن معمر لم يصله غيره ، في نفسير سورة سبحان من التفسير .

ومنهم : زيد بن الحباب العكلي :

ثقة مشهور ، قال ابن معين : (( أحاديث عن الثوري مقلوبة )) .

وقال أحمد : (( هو كثير الخطأ ، ما نفذ في الحديث إلا بصلاحه )) .

ومنهم : سلمة الأحمر :

قال أحمد في رواية حنبل : (( يحدث عن أبي إسحاق أحاديث صحاحا ،  إلا أنه عن حماد – يعني ابن أبي سليمان – مختلط الحديث : حدث عن حماد بأحاديث مضطربة )) .

ومنهم : يونس بن أبي إسحاق :

ففي تاريخ الغلابي : (( كان يونس بن أبي إسحاق مستوي الحديث في غير أبي إسحاق مضطرباً في حديث أبيه )) .

ذكر من ضُعّف حديثه إذا جمع الشيوخ دون ما إذا أفردهم

قد تقدم عن شعبة أنه قال لابن علية : (( إذا حدثك

عطاء بن السائب :

عن رجل واحد فهو ثقة ، وإذا جمع فقال زاذان وميسرة وأبو البختري فاتقه ، كان الشيخ قد تغير ))

وقد ذكره يعقوب بن شيبة بهذا اللفظ ، وقال : (( احسب علي ابن طبراخ حدثني بهذا عن ابن علية أو بعضه )) .

وكذلك قال الدار قطني في

ليث بن أبي سليم :

(( إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء ، وطاوس ، ومجاهد )) .

( خبر نقله عنه البرقاني ، وهذا أخذه من قول شعبة لليث بن أبي سليم ، (( أين اجتمع لك هؤلاء الثلاثة عطاء وطاوس ومجاهد )) ) .

قال أبو نعيم : قال شعبة لليث : (( كيف سألت عطاء ، وطاوساً ، ومجاهداً كلهم في مجلس واحد ؟

قال ابن أبي حاتم : (( يعني كالمنكر عليه اجتماعهم )) .

قال يعقوب بن شيبة : (( يقال : إن ليثاً كان يسأل عطاء وطاوساً ومجاهداً عن الشئ فيختلفون فيه فيحكي عنهم في ذلك الاتفاق من غير تعمد له )) .

قال : (( وقد طعن بمثل هذا على :

جابر الجعفي :

كان يجمع الجماعة في المسألة الواحدة ، وربما سأل بعضهم )) . وأما يحيى فضعف ليثاً وقال : (( إذا جمع بين الشيوخ ازداد ضعفاً )) .

قال الميموني : سمعت يحيى ذكر ليث بن أبي سليم فقال : (( هو ضعيف الحديث عن طاوس ، فإذا جمع بين طاوس وغيره ، فويلاء هو ضعيف )) .

وكذلك ذكر بعضهم في :

ابن إسحاق :

قال أحمد في رواية المروذي : (( ابن إسحاق حسن الحديث ، لكن إذا جمع بين رجلين ، قلت : كيف ؟ قال : يحدث عن الزهري وآخر يحمل حديث هاذ على هذا )) .

وكذلك قيل في :

حماد بن سلمة :

قال أحمد في رواية الأثرم – في حديث حماد بن سلمة عن أيوب وقتادة عن أبي أسماء عن أبي ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في آنية المشركين – قال أحمد : (( هذا من قبل حماد ، كان لا يقوم على مثل هذا ، يجمع الرجال ثم يجعله إسناداً واحداً ، وهم يختلفون )) .

وقال أيو يعلى الخليلي في كتابه الإرشاد : (( ذاكرت بعض الحفاظ قلت : لم لم يدخل البخاري حماد بن سلمة في الصحيح ؟ ))

قال : لأنه يجمع بين جماعة من أصحاب أنس ، يقول : نا قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب عن أنس ، وربما يخالف في بعض ذلك )) .

فقلت : ( أليس ) ابن وهب اتفقوا عليه ، وهو يجمع بين أسانيد ، فيقول : أنا مالك ، وعمرو بن الحارث والأوزاعي ، ويجمع بين جماعة غيرهم ؟! )) .

فقال : (( ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ )) .

ومعنى هذا أن الرجل إذا جمع بين حديث جماعة وساق الحديث سياقة واحدة فالظاهر أن لفظهم لم يتفق ، فلا يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن لحديثه يعرف اتفاق شيوخه واختلافهم .

كما كان الزهري بين شيوخ له في حديث الإفك وغيره .

وكان الجمع بين الشيوخ ينكر على :

الواقدي وغيره ، ممن لا يضبط هذا ، كما أنكر على ابن إسحاق وغيره .

وقد أنكر شعبة أيضاً على

عوف الأعرابي :

قال ابن المديني سمعت يحيى قال : قال لي شعبة في أحاديث عوف عن خلاس عن أبي هريرة ومحمد عن أبي هريرة – إذا جمعهم – قال لي شعبة : (( ترى لفظهم واحداً ؟! )) .

قال ابن أبي حاتم : (( أي كالمنكر على عوف )) .

وكذلك أنكر يحيى بن معين على :

عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري :

أنه كان يحدث عن أبيه وعمه ، ويقول : (( مثلاً بمثل وسواء بسواء )) ، واستدل على ضعفه وعدم ضبطه .

وقد ذكر يعقوب بن شيبة أن :

ابن عيينة :

كان ربما يحدث واحد عن اثنين ، ويسوقه بسياقة واحد منهما ، فإذا أفرد الحديث عن الآخر أرسله أو وافقه .

ومن هؤلاء من كان يجمع ( بين ) المشائيخ لاختلاطه وهو لا يشعر ، كما قيل عن :

عطاء ابن السائب :

إنه كان يأتي بذلك على وجه التوهم .

وكذلك قيل في :

أبي بكر بن أبي مريم :

قال أحمد عن إسحاق بن راهويه عن عيسى بن يونس : لو أردت أبا بكر بن أبي مريم ( أن ) يجمع لي فلاناً وفلاناً وفلاناً لفعل )) . يعني يقول عن راشد بن سعد ، وضمرة بن حبيب ، وحبيب ابن عبيد .

ذكر من حدث عن ضعيف وسماه باسن ثقة

رواية أبي أسامة :

عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي :

قال محمد بن عبد الله بن نمير : (( ليس هو بابن جابر المعروف ، إنما هو رجل يسمى بابن جابر ، كتب عنه أبو أسامة هذه الأحاديث ، قال : ألا ترى روايته لا تشبه من حديثه الصحاح الذي يروي عنه أهل الشام وأصحابه الثقات )) .

وكأن ابن نمير يشير إلى أن أبا أسامة علم ذلك ، وتغافل عنه ، فكان يوهن أبا أسامة ، ويتعجب ممن يحدث عنه ، نقله يعقوب الفسوي عن ابن نمير .

وممار وى أبو أسامة عن ابن جابر عن إسماعيل بن عبيد الله عن أبي صالح الأشعري عن أبي هريرة حديث : (( الحمى حظ المؤمن من النار )) .

ورواه من الشاميين أبو المغيرة عن ابن تميم عن إسماعيل بهذا الإسناد ، فقوي بذلك أن أبا أسامة إنما رواه عن ابن تميم .

وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود : (( أبو أسامة روى عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم وغلط في اسمه ، فقال : ثنا عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر . قال : وكلما جاء عن أبي أسامة ثنا عبد الرحمن بن يزيد فهو ابن تميم )) .

وكذلك روى حسين الحعفي :

عن ابن جابر عن أبي الأشعث عن أوس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديث (( أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة ... )) الحديث ، فقالت طائفة : (( هو حديث منكر ، وحسين الجعفي سمع من عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الشامي ، وروى عه أحاديث منكرة فغلط في نسبته )) .

وممن ذكر ذلك البخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وأبو داود ، وابن حبان ، وغيرهم ؛ وأنكر ذلك آخرون وقالوا : (( الذي سمع منه حسين هو ابن جابر )) .

قال العجلي : (( سمع من ابن جابر حديثين في الجمعة )) .

وكذا أنكر الدار قطني على من قال : إن حسيناً سمع من ابن تميم ، وقال : (( إنما سمع من ابن جابر ، قال : والذي سمع من ابن تميم هو أبو أسامة ، وغلط في اسم جده ، فقال ابن جابر ، وهو ابن تميم))

وقد ذكرنا هذا الحديث والكلام عليه في أول كتاب الجمعة . وقد استنكر البخاري روايات الكوفيين جملة عن ابن جابر .

قال الترمذي في علله قال البخاري : (( أهل الكوفة يروون عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أحاديث مناكير ، وإنما أرادوا عندي عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ، وهو منكر الحديث ، وهو بأحاديثه أشبه منه بأحاديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر )) .

زهير بن معاوية :

روى عن واصل بن حيان عن أبي بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم [عدة] أحاديث .

منها : حديث (( الكمأة )) وحديث (( الحبة السوداء )) وحديث (( عُرضت عليّ الجنة )) .

قال أحمد وأبو داود : (( انقلب على زهير اسم صالح بن حيان فقال : واصل )) [ يعني ] إنما يروي عن صالح بن حيان ، فسماه واصلاً .

وقال ابن معين : (( سمع منهما معاً فجعلهما واحداً ، وسماه واصل ابن حيان )) .

وقال أبو حاتم : (( زهير مع إتقانه أخطأ في هذا ، ولم يسمع من واصل بن حيان ولم يدركه ، إنما سمع من صالح بن حيان )) .

وهذا يوافق قول أحمد وأبي داود ، ويخالف قول ابن معين . وقد ذكرنا حديثه في الحبة السوداء ، وحديثه الآخر في الكمأة في كتاب الطب .

فعلى قول يحيى يتوقف في رواية زهير عن واصل ضعيفة ولا بد ، لأنه عن صالح بن حيان من غير تردد ، وصالح بن حيان القرشي فيه ضعف ، وواصل بن حيان ثقة .

وقد اشتبه على كثير من المتأخرين صالح بن حيان القرشي الكوفي الذي يروي عن ابن بريدة بصالح بن حيان والد الحسن وعلي ، فإنه يقال له : صالح بن حيان ، والمشهور في نسبه صالح بن حي الهمداني الكوفي ، وهو ثقة كبير .

أبو بلج الواسطي :

يروي عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  أحاديث – منها حديث طويل في فضل علي أنكرها ( الإمام ) أحمد في رواية الأثرم .

وقيل له : عمرو بن ميمون يروى عن ابن عباس ؟ قال : ما أدري ما أعلمه .

وذكر عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ أن أبا بلج أخطأ في اسم عمرو بن ميمون هذا ، وليس هو بعمرو بن ميمون المشهور ، (و) إنما هو ميمون أبو عبد الله مولى عبد الرحمن بن سمرة ، وهو ضعيف ، وهذا ليس ببعيد . والله أعلم .

جرير بن عبد الحميد الضبي :

روى عن عاصم الأحول أحاديث ، وكان قد اشتبه عليه حديث عاصم الأحول بحديث أشعث بن سوار ، فلم يفصل بينهما ، فميزها له بهز ، فحدث بها على قول بهز .

قيل ليحيى بن معين : (( كيف تكتب هذه عن جرير إذا كانت هكذا ؟ )) .

قال : (( ألا تراه قد بين لهم أمرها )) . كأنه يبين لهم ثم يحدثهم بها .

وقال أحمد : (( لم يكن جرير ذكياً في الحديث )) . ثم ذكر عنه هذه الحكاية بالمعنى .

روايات الشاميين عن زهير بن محمد :

قال أحمد : (( ينبغي أن يكون قلب اسمه أهل الشام )) ، يعني سموا رجلاً ضعيفاً زهير بن محمد ، وليس بزهير بن محمد الخراساني .

ونقل الترمذي في علله عن البخاري أنه قال : (( أنا أتقى هذا الشيخ كأن حديثه موضوع ، وليس هذا عندي زهير بن محمد )) .

ذكر من روى عن ضعيف وسماه باسم يتوهم أنه اسم ثقة

منهم : عطية العوفي :

قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي ذكر عطية العوفي فقال : (( هو ضعيف الحديث ، بلغني أن عطية يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير ، وكان يكتبه بأبي سعيد فيقول : قال أبو سعيد قال أبو سعيد )) .

قال عبد الله : ونا أبي أبو أحمد الزبيري سمعت الثوري قال سمعت الكلبي قال : (( كناني عطية بأبي سعيد )) .

ولكن الكلبي لا يعتمد على يرويه ، وإن صحت هذه الحكاية عن عطية فإنما تقتضي التوقف فيما يحكيه عطية عن أبي سعيد من التفسير خاصة .

فأما الأحاديث المرفوعة التي يرويها عن أبي سعيد فإنما أبا سعيد الخدري ويصرح في بعضها بنسبته .

ومنهم : الوليد بن مسلم :

كان كثير التدليس ، وكان يروي عن الأوزاعي فيقول : نا أبو عمرو ، ويروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الدمشقي ، وهو ضعيف جداً ، فيقول : نا أبو عمرو ، حكى ذلك ابن حبان وغيره .

ومنهم : بفية بن الوليد :

وكان ربما روى عن سعيد بن عبد الجبار الزبيدي أو زرعة بن عمرو الزبيدي ، وكلاهما ضعيف الحديث فيقول : نا الزبيدي ، فيظن أنه محمد بن الوليد الزبيدي صاحب الزهري .

وقد تقدم له عنه في كتاب الصيام في باب الكحل للصائم حديث رواه عن الزبيدي ، وظنه بعضهم محمد بن الوليد ، فنسبه كذلك ، وأخطأ ، [و] إنما هو سعيد بن عبد الجبار .

ومنهم : حسين بن واقد :

يروي عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ، وعنده عن أيوب السختياني ، وعن أيوب بن خوط ، وأيوب بن خوط ضعيف جداً ، فالمنكرات التي عنده عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ، إنما هي عن أيوب بن ابن خوط ذكره ابن حبان .

وأما ما روى عن ضعيف فأسقطه من الإسناد بالكلية :

فهو نوع تدليس ومنه ما يسمى التسوية ، وهو أن يروي عن شيخ له ثقة عن رجل ضعيف عن ثقة فيسقط الضعيف من الوسط ، وكان الوليد بن مسلم وسنيد بن داود وغيرهما يفعلون ذلك ، وذكر أفراد الأحاديث التي فعل ذلك يطول جداً ، لكن :

نذكر بعض الأسانيد التي كان رواتها

يسقطون منا الضعيف غالباً :

فمن ذلك  :

رواية عبد الرزاق عن ابن جريج عن صفوان ابن سليم :

قال أبو عثمان البرذعي سمعت أبا مسعود أحمد بن الفرات يقول : (( رأيت عند عبد الرزاق عن ابن جريج عن صفوان بن سليم أحاديث حساناً ، فسألته عنها ؟ أي شئ تصنع بها ؟ (هي) من أحاديث إبراهيم بن أبي يحيى ، قال أبو مسعود : فتركتها ولم اسمها )) انتهى .

ويقال : إن ابن جريج كان يدلس أحاديث صفوان عن ابن أبي يحيى .

وكذلك أحاديث :

ابن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب .

قال ابن المديني : (( لم يسمع منه ، وإنما أخذ حديثه عنه عن ابن أبي يحيى )) .

وقال ابن المديني أيضاً : (( كل مافي كتاب ابن جريج أخبرت عن داود بن الحصين ، وأخبرت عن صالح مولى التوأمة فهو من كتب إبراهيم بن أبي يحيى )) .

ومنها : رواية عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس :

وقد قيل : إنها كلها مأخوذة عن ابن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة .

وله حديث في اللعان عن عكرمة .

قال أحمد : (( إنما رواه عن ابن أبي يحيى )) .

وقد ذكرنا في أبواب اللعان . وله حديث آخر في الحجامة . وحيدث في الاكتحال . وقد ذكرناهما أيضاً .

وقد سئل عنهما ؟ فقال : (( حدثنيها ابن أبي يحيى عن داود عن عكرمة )) .

ومنه : أحاديث متعددة يرويها الحسن بن ذكوان :

عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن عمرو بن ضمرة عن علي . يرويها عنه عبد الوارث بن سعيد

إنما رواها الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد الواسطي – وهو كذاب متهم بالوضع – عن حبيب ، ثم اسقط عمراً من إسنادها ، وكلها بواطيل ، قاله الإمام أحمد ، وقال ابن المديني نحو ذلك .

وقال ابن معين : (( بين الحسن وحبيب رجل غير ثقة )) .

وقال أيضاً : (( لم يسمع الحسن من حبيب ، إنما سمع حديثه من عمرو بن خالد عنه ، وعمرو متروك

وقد ذكرنا من هذه الأحاديث أحاديث متعددة متفرقة في الكتاب ، وبينا علتها .

وروى ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعاً حديثاً في كشف الفخذ .

قال أبو حاتم : (( لم يسمعه ابن جريج من حبيب ، فأرى أن ابن جريج أخذه عن الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب ))

وقال ابن المديني  : (( أحاديث حبيب عن عاصم بن ضمرة لاتصح ، إنما هي مأخوذة عن عمرو بن خالد الواسطي ))

ولكن ذكر يعقوب بن شيبة عن ابن المديني أنه قال في حديث ابن  ابن جريح  : (( هذا رايته في كتب ابن جريح أخبرني إسماعيل بن مسلم عن حبيب  ))

وحبيب قال ابو حاتم : (( لاتثبت له رواية عن عاصم  )) . وقد سبق ذكر حديث الفخذ في أبواب الأدب .

ومنها : أحاديث يرويها عبدالرحمن بن زياد الافريقي :

عن عتبة بن حميد عن عبادة بن نسي عن عبدالرحمن بن غنم عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

قد قيل : إنها كلها مأخوذة عن محمد بن سعيد المصلوب في الزندقة ، المشهور بالكذب والواضع ، وأنه أسقط اسمه من الاسناد بين عتبه وعبادة .ومن جملتها حديث المنديل بعد الوضوء  ، وقد سبق في كتاب الطهارة . 

ذكر من سمع من ثقة مع ضعيف

فأفسد حديثه وهو لا يشعر

منهم : عثمان بن صالح المصري :

قال البرذعي عن أبي زرعة : (( لم يكن عثمان عندي ممن يكذب ، لكنه كان يكتب الحديث مع خالد بن نجيح ، فكان خالد إذا سمعوا من الشيخ أملى عليهم ما لم يسمعوا ، فبلوا به ، وقد بلي به أبو صالح أيضاً – يعني كاتب الليث – في حديث زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب عن جابر . ليس له أصل ، إنما هو من حديث خالد بن نجيح .

قلت : وهذا الحديث قد ذكرناه في فضائل الصحابة ، وذكرنا قول أحمد فيه : إنه موضوع .

وكذا ذكر أبو زرعة وأبو حاتم في :

عبد الله بن صالح أبي صالح :

أن خالد بن نجيح كان يدس له في كتبه أحاديث

ومنهم : يحيى بن بكير :

وغيره ، ممن سمع من مالك بعرض حبيب كاتبه ، قال عباس وغيره عن ابن معين : (( حبيب كان يقرأ على مالك ، وكان يخطرف للناس ويصفح ورقتين وثلاثة . قال يحيى . سألوني عنه بمصر ؟ فقلت : ليس بشئ ، قال : وكان يحيى بن بكير سمع بعرض حبيب ، وهو شر العرض )) .

قال الأثرم عن أحمد : (( كان مالك إذا حدث من حفظه كان أحسن مما يعرضون عليه ، يقرأون عليه الخطأ ، وهو شبه النائم )) .

(و) قال ابن حبان : (( امتحن أهل المدينة بحبيب بن أبي حبيب الوراق كان يدخل عليهم الحديث ، فمن سمع بقراءته عليهم فسماعه لا شئ )) انتهى .

وممن كان يستملي استملاء سيئاً :

إبراهيم بن بشار الرمادي :

كان يملى على الناس ما يحدث به سفيان بن عيينة بزيادة وتغير ، قاله أحمد ويحيى .

ولكن لا أعلم من كتب باملائه .

وقد روى قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد حديث الجمع بين الصلاتين في السفر ، وهو غريب جداً ، فاستنكره الحفاظ .

ويقال : إنه سمعه مع خالد بن الهيثم .

فأدخله على الليث ، وهو لا يشعر ، كذا ذكره الحاكم في علوم الحديث .

وقد سبق الكلام عليه مستوفى في كتاب الصلاة .

تنبيه

إعلم أنه قد يخرج في الصحيح لبعض من تُكلم فيه

إما متابعة واستشهاداً ، وذلك معلوم .

وقد يخرج من حديث بعضهم ما هو معروف عن شيوخه من طرق أخرى ، ولكن لم يكن وقع لصاحب الصحيح ذلك الحديث إلا من طريقه ، إما مطلقاً أو بعلو .

فإذا كان الحديث معروفاً عن الأعمش صحيحاً (عنه) ، ولم يقع لصاحب الصحيح عنه بعلو إلا من طريق بعض من تكلم فيه من أصحابه خرجه عنه .

قال أبو عثمان سعيد بن عثمان البرذعي : (( شهدت أبا زرعة ، وأنكر على مسلم تخريجه لحديث أسباط بن نصر ، وقطن بن نسير ، وروايته عن أحمد بن عيسى المصري في كتابه الصحيح ... )) في حكاية طويلة ذكرها .

قال : (( فلما رجعت إلى نيسابور ذكرت ذلك لمسلم فقال : (( إنما أدخلت من حديث أسباط ، وقطن بن نسير ، وأحمد ما قد رواه الثقات عن شيوخهم ، إلا أنه ربما وقع إلى عنهم بارتفاع ، ويكون عندي من رواية أوثق منهم بنزول ، فاقتصر على أولئك ، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات )) انتهى .

وهذا قسم آخر ممن خرج له في الصحيح على غير وجه المتابعة والاستشهاد ودرجته تقصر عن درجة الصحيح عند الإطلاق .

ولنختم هذا الكتاب

بكلمات مختصرات من كلام الأئمة النقاد ، الحفاظ الأثبات ، هي في هذا العلم كالقواعد الكليات ، يدخل تحتها كثير من الجزيئات ، والله الموفق للخير والمعين عليه في كل الحالات :

قاعدة :

الصالحون غير العلماء يغلب على حديثهم الوهم والغلط :

وقد قال أبو عبد الله بن منده : (( إذا رأيت في حديث ثنا فلان الزاهد فاغسل يدك منه )) .

وقال يحيى بن سعيد : (( ما رأيت الصالحين أكذب منهم في الحديث )) . وقد ذكرنا ذلك مستوفى فيما تقدم ، والحفاظ منهم قليل ، فإذا جاء الحديث من جهة أحد منهم فليتوقف فيه حتى يتبين أمره .

قاعدة :

الفقهاء المعتنون بالرأي حتى يغلب عليهم الاشتغال به :

لا يكادون يحفظون الحديث كما ينبغي ، ولا يقيمون أسانيده ، ولا متونه ، ويخطئون في حفظ الأسانيد كثيراً ، ويروون المتون بالمعنى ويخالفون الحفاظ في ألفاظه ، وربما يأتون بألأفاظ تشبه ألفاظ الفقهاء المتداولة بينهم .

وقد اختصر شريك حديث رافع في المزارعة ، فأتى به بعبارة أخرى ، فقال : (( من زرع في أرض بغير إذنهم فليس له من الزرع شئ ، وله نفقته )) .

وهذا يشبه كلام الفقهاء .

وكذلك روى حديث أنس : (( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يتوضأ برطلين من ماء))

وهذا رواه بالمعنى الذي فهمه ، فإن لفظ الحديث (( أنه كان يتوضأ بالمد )) والمد عند أهل الكوفة رطلان .

وكذلك سليمان بن موسى الدمشقي :

الفقيه ، يروي الأحاديث بألفاظ مستغربة .

وكذلك فقهاء الكوفة ، ورأسهم : حماد بن أبي سليمان وأصحابه وأتباعهم .

وكذلك :

الحكم بن عتيبة :

وعبد الله بن نافع الصايغ : صاحب مالك ، وغيرهم .

قال شعبة : (( كان حماد بن أبي سليمان لا يحفظ )) .

قال ابن أبي حاتم : (( كان الغالب عليه الفقه ، ولم يرزق حفظ الآثار )) .

وقال شعبة أيضاً : (( كان حماد ومغيرة أحفظ من  الحكم )) يعني مع سوء حفظ حماد للآثار كان أحفظ من الحكم .

وقال عثمان البتي : (( كان حماد إذا قال برأيه أصاب ، وإذا قال : قال إبراهيم أخطأ )) .

قال أبو حاتم الرازي : (( حماد صدوق لا يحتج بحديثه ، وهو مستقيم في الفقه ، فإذا جاء الآثار شوش ، وكان حماد إذا سئل عن شئ من الرأي سرّ به ، ، فإذا سئل عن الرواية ثقلت عليه ، وربما كان يسأل عن شئ من حديث إبراهيم فيقول : قد طال العهد بإبراهيم )) .

قال حماد بن سلمة : (( كنت أسأل حماد بن أبي سليمان عن أحاديث مسنده ، وكان الناس يسألونه عن رأيه ، فكنت إذا جئت قال : لا جاء الله بك )) .

قال حماد بن زيد : (( قدم علينا حماد البصرة ، فجعل فتيان البصرة يسخرون به ، فقال له رجل : ما تقول في رجل وطئ دجاجة ميتة فخرج منها بيضة ؟ ، وقال له آخر : ما تقول في رجل طلق امرأته ملئ سكرجة ؟ )) .

قال ابن حبان : (( الفقيه إذا حدث من حفظه وهو ثقة في روايته لا يجوز عندي الاحتجاج بخبره ، لأنه إذا حدث من حفظه فالغالب عليه حفظ المتون دون الأسانيد .

وهكذا أكثر من جالسناه من أهل الفقه ، كانوا إذا حفظا الخبر لا يحفظون إلا متنه ، وإذا ذكروه أول أسانيدهم يكون قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فلا يذكرون بينهم وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحداً )) .

فإذا حدق الفقيه من حفظه ربما صحف الأسماء ، وأقلب الأسانيد روفع الموقوف ، وأوقف المرسل ، وهو لا يعلم ، لقلة عنايته به ، وأتى بالمتن على وجهه ، فلا يجوز الاحتجاج بروايته إلا من كتاب أو يوافق الثقات في الأسانيد )) .

قلت : هذا إن كان الفقيه حافظاً للمتن ، فأما من لا يحفظ متون الأحاديث بألفاظها من الفقهاء ، فإنما يروي الحديث بالمعنى ، فلا ينبغي الاحتجاج بما يرويه من المتون ، إلا بما يوافق الثقات في المتون ، أو يحدث به من كتاب موثوق به .

والأغلي أن الفقيه يروي الحديث بما يفهما من المعنى ، وأفهام الناس تختلف ، ولهذا ترى كثيراً من الفقهاء يتأولون الأحاديث ( الصحيحة ) بتأويلات مستبعدة جداً بحيث يجزم العارف المنصف بأن ذلك المعنى الذي تأوله ( به ) غير مراد بالكلية ، فقد يروي الحديث على هذا المعنى الذي فهمه . وقد سبق أن شريكاً روى حديث الوضوء بالمد بما فعهمه من المعنى ، وأكثر فقهاء الأمصار يخالفونه في ذلك .

قاعدة :

الثقات الحفاظ إذا حدثوا من حفظهم ، وليسوا بفقهاء :

قال ابن حبان : (( عندي لا يجوز الاحتجاج بحديثهم ، لأن همتهم حفظ الأسانيد ، والطرق دون المتون )) .

قال : (( وأكثر من رأينا من الحفاظ كانوا يحفظون الطرق ، ولقد كنا نجالسهم برهة من دهرنا على المذاكرة ، ولا أراهم يذكرون من متن الخبر إلا كلمة واحدة يشيرون إليها ، قال : ومن كانت هذه صفته وليس بفقيه ، فربما يقلب المتن ويغير المعنى إلى غيره وهو لا يعلم ، فلا يجوز الاحتجاج به إلا أن يحدث من كتابه أو يوافق الثقات )) .

وقد ذكرنا هذا عن ابن حبان فيما تقدم وبينا أن هذا ليس على إطلاقه ، وإنما هو مختص بمن عرف منه عدم حفظ المتون وضبطها ، أو لعله يختص بالمتأخرين من الحفاظ ، نحو من كان في عصر ابن حبان .

فأما المتقدمون كشعبة والأعمش وأبي إسحاق ونحوهم فلا يقول ذلك أحد في حقهم ، لأن الظاهر من حال الحافظ المتقن حفظ الإسناد والمتن ، إلا أن يوقف منه على خلاف ذلك ، والله أعلم .

وقد سبق قول الشافعي أن من حدث بالمعنى ولم يحفظ لفظ الحديث أنه يشترط فيه أن يكون عاقلاً لما يحدث به من المعاني عالماً بما يحيل المعنى من الألفاظ ، وأن من حدث بالألفاظ فإنه يشترط أن يكون حافظاً للفظ الحديث متقناً له ، والله أعلم .

قاعدة :

إذا روى الحفاظ الأثبات حديثاً بإسناد واحد وانفرد واحد منهم بإسناد آخر :

فإن كان المنفرد ثقة حافظاً فحكمه قريب من زيادة الثقة في الأسانيد أو في المتون ، وقد تقدم الكلام على ذلك .

وقد تردد الحفاظ كثيراً في مثل هذا ، هل يرد قول من تفرد بذلك الإسناد لمخالفته الأكثرين له ؟ أم يقبل قوله لثقته وحفظه ؟

ويقوى قبول إن كان المروي عنه واسع الحديث يمكن أن يحمل الحديث من طرق عديدة ، كالزهري ، والثوري ، وشعبة ، والأعمش .

ومثال ذلك :

ما روى أصحاب الأعمش ، مثل : وكيع ، وعيسى بن يونس ، وعلي ابن مسهر ، وعبد الواحد بن زياد ، وغيرهم ، عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنع كان مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حرث بالمدينة فمر على نفر من اليهود فسألوه عن الروح الحديث .

وخالفهم ابن إدريس فرواه عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله ، ولم يتابع عليه ، فصححت طائفة الروايتين عن الأعمش ، وخرجه مسلم من الوجهين .

وقال الدار قطني : (( لعلهما محفوظان ، وابن إدريس من الأثبات ، ولم يتابع على هذا القول )) .

قلت : ومما يشهد لصحة ذلك أن ابن إدريس روى الحديث بالإسناد الأول أيضاً ، وهذا مما يستدل به الأئمة كثيراً على صحة رواية من انفرد بالإسناد ، إذا روى الحديث بالإسناد الذي رواه به الجماعة ، فخرجه ابن أبي خيثمة في كتابه نا عبد الرحمن بن محمد أبو عبد الرحمن الكرماني كتبت عنه بكفر بياً نا عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : إني لأمشي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكره .

مثال آخر :

روى أصحاب الزهري ( عن الزهري ) عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديث الفأرة في السمن ، ورواه معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة .

فمن الحفاظ من صحح كلا القولين ، ومنهم الإمام أحمد ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وغيرهما .

ومنهم من حكم بغلط معمر لانفراده بهذا الإسناد . منهم البخاري ، والترمذي ، وأبو حاتم ، وغيرهم .

وذكر الذهلي أن سعيد بن أبي هلال تابع معمراً على روايته عن الزهري عن سعيد بن المسيب إلا أنه أرسله ولم يذكر أبا هريرة .

ويدل على صحة رواية معمر أنه رواه بالإسنادين كليهما .

وأما لفظ الحديث بالتفريق بين الجامد والمانع ، فقد ذكره معمر عن الزهري بالإسنادين معاً ، وتابعه الأوزاعي عن الزهري فرواه عن عبيد الله عن ابن عباس ، وكذلك رواه إسحاق بن راهويه عن سفيان ابن عيينة عن الزهري ، لكنه حمل حديث ابن عيينة على حديث معمر وقد سبق ذلك كله مستوفى في كتاب الأطعمة .

فأما إن كان المنفرد عن الحفاظ سئ الحفظ :

فإنه لا يعبأ بانفراده ، ويحكم عليه بالوهم .

مثال ذلك :

أن أصحاب الزهري رووا عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قصة المجامع في رمضان . ورواه هشام بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، فحكم الأئمة بأنه وهم في ذلك .

فإن كان المنفرد عن الحفاظ مع سوء حفظه قد سلك الطريق المشهور ، والحفاظ يخالفون ، فإنه لا يكاد يرتاب في وهمه وخطئه ، لأن الطريق المشهور تسبق إليه الألسنة والأوهام كثيراً ، فيسلكه من لا يحفظ .

ومثال ذلك :

روى حماد بن سلمة عن ثابت عن حبيب بن أبي سبيعة الضبعي عن الحارث أن رجلاً قال : يا رسول الله إني أحب فلاناً ، قال ( قال ) : أعلمته ؟ قال : لا .. )) الحديث .

هكذا رواه حماد بن سلمة ، وهو أحفظ أصحاب ثابت ، وأثبتهم في حديث كما سبق .

وخالفه من لم يكن في حفظه بذلك من الشيوخ الرواه عن ثابت ، كمبارك بن فضالة ، وحسين بن واقد ، ونحوهما ، فرووه عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

وحكم الحفاظ هنا بصحة قول حماد وخطأ من خالفه . منهم : أبو حاتم ، والنسائي ، والدار قطني .

قال أبو حاتم : (( مبارك لزم الطريق )) . يعني أن رواية ثابت عن أنس سلسلة معروفة مشهورة تسبق إليه الألسنة والأوهام ، فيسلكها من قلّ حفظه ، بخلاف ما قاله حماد بن سلمة فإن في إسناده ما يستغرب ، فلا يحفظه إلا حافظ .

وأبو حاتم كثيراً ما يعلل الأحاديث بمثل هذا ، وكذلك غيره من الأئمة .

وقد سبق إلى نحو ذلك ابن عيينة ، وابن مهدي ، فإن مالكاً روى عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهذه من هذه )) .

وخالفه ابن عيينة فرواه عن صفوان بن سليم عن أنيسة عن أم سعيد بن مرة الفهرية عن أبيها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

ورجح الحفاظ كأبي زرعة وأبي حاتم قول ابن عيينة في هذا الإسناد على قول مالك .

قال الحميدي : (( قيل لسفيان : إن عبد الرحمن بن مهدي يقول : إن سفيان أصوب في هذا الحديث من مالك ، قال سفيان : وما يدريه ؟ أدرد صفوان ؟ قالوا : لا ، لكنه قال : إن مالكاً قال : عن صفوان عن عطاء بن يسار ، وقال سفيان : عن أنيسة عن أم سعيد بنت مرة عن أبيها ، فمن أين جاء بهذا الإسناد ؟!

فقال سفيان : ما أحسن ما قال ! لو قال لنا : صفوان عن عطاء ابن يسار كان أهون علينا من أن نجئ بهذا الإسناد الشديد .

ومن ذلك :

أن حصين بن عبد الرحمن روى عن عمرو بن مرة عن علقمة بن وائل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث رفع اليدين في الصلاة .

ورواه شعبة عن عمرة بن مرة عن أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وسئل عن ذلك أحمد ؟ فقال : (( شعبة أثبت في عمرو بن مرة من حصين ، القول قول شعبة ، من أين يقع شعبة عن أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل )) . يشير إلى أن هذا إسناد غريب لا يحفظه إلا حافظ ، بخلاف علقمة بن وائل عن أبيه ، فإنه طريق مشهور .

واعلم : أن هذا كله إذا علم أن الحديث الذي اختلف في إسناده حديث واحد ، فإن ظهر أنه حديثان بإسنادين لم يحكم بخطأ أحدهما .

وعلامة ذلك أن يكون في أحدهما زيادة على الآخر ، أو نقص منه ، أو تغير يستدل به على أنه حديث آخر ، فهذا يقول علي بن المديني وغيره من أئمة الصنعة : هما حديثان بإسنادين .

( وقد ذكرنا كلام ابن المديني في ذلك في باب صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الصلاة ، وكثير من الحفاظ كالدار قطني وغيره لا يراعون ذلك ، ويحكمون بخطأ أحد الإسنادين ، وإن اختلف لفظ الحديثين إذا رجع إلى معنى متقارب ، وابن المديني ونحوه إنما يقولون هما حديثان بإسنادين ) إذا احتمل ذلك وكان متن ذلك الحديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة : كحديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .

فأما ما لا يعرف إلا بإسناد واحد ، فهذا يبعد فيه ذلك .

وكذلك حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم الغنم المقلدة .

وحديثه عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة في هدي النبي صلى الله عليه وسلم الغنم .

فمن الحفاظ من قال : الصحيح حديث عائشة ، وحديث جابر وهم ، ومنهم من قال : هما حديثان مختلفان في أحدهما التقليد ، وليس في الآخر ، ومنهم أبو حاتم الرازي . وقد سبق ذلك في كتاب الحج .

ذكر الأسانيد التي لا يثبت منه شئ

أو لا يثبت منها إلا شئ يسير مع أنه قد روي بها أكثر من ذلك

قتادة عن الحسن عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم  :

هذه السلسلة قال البرديجي : (( لا يثبت منها حديث أصلاً من رواية الثقات )) .

قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :

قال البرديجي : (( هذه الأحاديث كلها معلولة ، وليس عند شعبة منها شئ ، وعند سعيد بن عروبة منها حديث ، وعند هشام منها آخر ، وفيهما نظر )) .

يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :

قال البرديجي : (( قال ابن المديني : لم يصح منها شئ مسند بهذا الإسناد )) .

وقال البرديجي : (( لا يصح منها شئ إلا من حديث سليمان بن بلال من حديث ابن أبي أويس عن أخيه عنه : وسائر ذلك مراسيل وصلها قوم ليسوا بأقوياء )) .

يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس :

قال البرديجي : (( هي صحاح ، وهي ثلاثة أحاديث ، منها حديث فيه اضطراب ، وسائر حديث يحيى عن أنس فيها نظر )) .

حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر :

قال سليمان بن حرب : (( لم يصح بهذا الإسناد إلا حديث واحد ، وأنكر حديث نافع عن ابن عمر عن عمر في تقبيل الحجر . وقال : ليس هو عن أيوب قط )) .

وحديث حماد عن نافع عن ابن عمر عن عمر في تقبيل الحجر رواه غير واحد عنه ، وخرجه مسلم في صحيحه .

ورواه ابن علية عن أيوب قال : نبئت أن عمر قبل الحجر ، كذا رواه مرسلاً .

يحيى بن الجزار عن علي :

قال شبابة عن شعبة : لم يسمع يحيى بن الجزار من علي إلا ثلاثة أشياء : منها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على فرضة من فرض الخندق ، وأن رجلاً جاء إلى علي فقال : أي يوم هذا .

الحسن عن سمرة :

قيل : [ إنه ] لم يسمع منه حديث العقيقة ، وقيل : لم يسمع منه شيئاً بالكلية ، وقد ذكرنا ذلك غير مرة .

حُميد الطويل عن أنس :

قال أبو داود الطيالسي : قال شعبة : إنما روى حُميد عن أنس ما سمعه منه خمسة أحاديث )) .

قال أبو داود : قال حماد بن سلمة(( عامة ما يروي حميد عن أسن لم يسمعه منه ، إنما عامتها سمعه من ثابت )) .

وذكر العجلي عن يحيى بن معين عن أبي عبيدة الحداد قال : قال شعبة : (( لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثاً )) .

الزبير بن عدي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم :

قال ابن معين : (( ليس له إلا حديث واحد )) يعني حديث : (( لا يأتي عليكم زمان غلا والذي بعده شر منه )) وكذا قال ابن حبان .

وقال أبو حاتم الرازي : (( له عنه أربعة أحاديث أو خمسة )) .

وروى بشر بن الحسين الأصبهاني عن الزبير عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم نسخة نحو عشرين حديثاً ، وهي موضوعة . قاله أبو حاتم وغيره .

الأعمش :

قيل : (( إنه سمع من أنس حديثاً واحداً )) . وقيل : (( إنه لم يسمع منه شيئاً )) .

وقد سبق ذلك مستوفى في أول الكتاب .

الزهري : قيل : إنه لم يسمع من ابن عمر :

وقيل : سمع منه حديثين ، كذا ذكره محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر .

أبو إسحاق عن الحارث :

(( لم يسمع منه غير أربعة أحاديث ، والباقي كتاب أخذه ، كذا قاله شعبة ، وكذا قال العجلي [ وغيره ] .

وقال الإمام أحمد سمعت أبا بكر بن عياش قال : (( قلّ ما سمع أبو إسحاق من الحارث : ثلاثة أحاديث )) .

الحكم عن مقسم :

روى عنه كثيراً ، ولم يسمع منه سوى أربعة أحاديث ، قاله شعبة .

قال أبو داود : (( ليس فيها مسند واحد ، يعني كلها موقوفات .

وذكر ابن المديني عن يحيى بن سعيد عن شعبة أنه قال : (( هي خمسة أحاديث ، وعدها شعبة : حديث الوتر ، وحديث القنوت ، وحديث عزمة الطلاق ، وحديث جزاء ما قتل من النعم ، و [ حديث ] الرجل يأتي امرأته وهي حائض )) .

قتادة عن أبي العالية :

قال عشبة : (( لم يسمع منه إلا أربعة أحاديث : حديث يونس ابن متى ، وحديث ابن عمر في الصلاة ، وحديث القضاة ثلاثة ، وحديث ابن عباس : (( شهد عندي رجال مرضيون ، وأرضاهم عندي عمر ، الحديث )) .

وقد خرجا له في الصحيحين غن أبي العالية حديثين آخرين : أحدهما : حديث دعاء الكرب . والثاني

: حديث رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أٍري به موسى وغيره من الأنبياء .

أبو سفيان : طلحة بن نافع :

قال شعبة وابن عيينة: (( روايته عن جابر : إنما هي صحيفة )) .

ومرادهما أنه كتاب أخذه فرواه عن جابر ولم يسمعه .

وروي عن شعبة قال : (( حديث أبي سفيان عن جابر إنما هو كتاب سليمان اليشكري )) .

وقال ابن المديني : قال معلى الرازي عن يحيى بن أبي زائدة قال : سمعت يزيد الدالاني قال : (( لم يسمع أبو سفيان من جابر غلا أربعة أحاديث )) .

وذكر الترمذي في علله عن البخاري قال : (( كان يزيد أبو خالد الدالاني يقول : أبو سفيان لم يسمع من جابر إلا أربعة أشياء ، ثم قال البخاري : وما يدري ؟ أو ما يرضى أن رأساً برأس ، حتى يقول مثل هذا ؟! )) .

يشير البخاري إلى أن [ أن ] أبا خالد في نفمه ليس بقوي ، فكيف يتكلم في غيره ! .

وأثبت البخاري سماع أبي سفيان من جابر ، وقال في تاريخه : (( قال لنا مسدد عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان جاورت جابراً بمكة ستة أشهر )) .

قال وقال علي : سمعت عبد الرحمن قال قال لي هشيم عن العلاء قال قال لي أبو سفيان : (( كنت أحفظ وكان سليمان اليشكري يكتب )) يعني عن جابر .

وخرج مسلم حديث أبي سفيان عن جابر وخرجه البخاري مقروناً .

الأعمش : قيل : إنه لم يسمع من مجاهد إلا أربعة أحاديث :

قاله ابن المبارك عن هشيم .

وذكر ابن أبي حاتم بإسناده عن وكيع قال : (( كنا نتتبع ما سمع العمش من مجاهد فإذا هي سبعة أو ثمانية )) .

وحكى الكرابيسي أنه سمع علي بن المديني يقول : (( لم يصح عندنا سماع الأعمش من مجاهد إلا نحواً من ستة أو سبعة )) .

قال علي : (( وكذلك سمعت يحيى وعبد الرحمن يقولان في الأعمش )) .

وقال الترمذي في علله قلت للبخاري يقولون : (( لم يسمع الأعمش من مجاهد إلا أربعة أحاديث ؟ قال : (( ربح ! ليس بشئ ، لقد عددت له أحاديث كثيرة نحواً من ثلاثين أو أقل أو أكثر يقول فيها : ثنا مجاهد )) .

وكذا نقل الكرابيسي عن الشاذكوني أن الأعمش سمع عن مجاهد أقل من ثلاثين حديثاً .

ومما اختلف في سماع الأعمش له من مجاهد .

حديث ابن عمر : (( كن في الدنيا كأنك غريب )) . والبخاري يرى أنه سمعه الأعمش من مجاهد ، وخرجه في صحيحه كذلك ، وأنكر ذلك جماعة . وقد ذكرناه في كتاب الزهد .

الأعمش عن أبي سفيان :

قال الكرابيسي حدثنا علي بن المديني وسليمان الشاذكوني قالا : (( روى الأعمش عن أبي سفيان أكثر من مائة ، ولم يسمع منها إلا أربعة )) .

قال علي : (( وسمعت يحيى يقول : ذلك )) .

وذكر البزار في مسنده أن الأعمش لم يسمع من أبي سفيان ، وقال : (( وقد روى عنه محو مائة حديث )) .

كذا قال . وهو بعيد ، وحديث الأعمش عن أبي سفيان مخرج في الصحيح .

سفيان بن عيينة عن بريد بن عبد الله :

ابن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال العقيلي : ليس لسفيان بهذا الإسناد غير أربعة أحاديث (( مثل الجليس الصالح )) ، و (( المؤمن للمؤمن كالبنيان )) ، و (( اشفعوا إلىّ فلتؤجروا )) ، و (( الخازن الأمين )) .

قال : (( ليس عنده غير هذه الأربعة )) .

وروى إبراهيم بن بشار عن سفيان بهذا الإسناد حديث (( كلكم راع )) . قال : (( وليس له أصل ، ولم يتابع إبراهيم عليه أحد على ابن عيينة )) .

سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم :

ذكر بعض الحفاظ أنه لا يصح بهذا الإسناد غير ستة أحاديث أو سبعة . قال : (( وأظهر بعضهم كتاباً كله بهذا الإسناد ، فظهر كذبه وافتضح )) .

هُشيم : لم يصح له السماع من الزهري إلا أربعة أحاديث :

منها : حديث السقيفة ، قال الإمام أحمد .

قال أحمد : (( وسمع هشيم من جابر - يعني الجعفي - حديثين )) .

حجاج بن أرطأة :

قال أبو نعيم الفضل بن دكين : (( لم يسمع حجاج من عمرو بن شعيب إلا أربعة أحاديث ، والباقي عن محمد بن عبيد الله العرزمي )) . يعني أنه يدلس بقية حديثه عن عمرو عن العرزمي .

وقال شعبة أحاديث الحكم عن مجاهد كتاب ، إلا ما قال سمعت .

ذكر من عُرف بالتدليس وكان له شيوخ لا يدلس عنهم

فحديثه عنهم متصل

منهم : هُشيم بن بشير :

ذكر أحمد أنه لا يكاد يدلس عن حصين .

وقال البخاري فيما حكاه عنه الترمذي في علله .

لا أعرف لسفيان يعني الثوري :

عن حبيب بن أبي ثابت ، ولا عن سلمة بن كهيل ولا عن منصور وذكر شيوخاً كثيرة لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليساً ، ما أقل تدليسه ! )) .

ذكر من كان يدلس بعبارة دون عبارة

قال العجلي : (( إذا قال سفيان بن عينة : عن عمرو سمع جابراً فصحيح ، وإذا قال سفيان : سمع عمرو جابراً فليس بصحيح بشئ )) .

يشير إلى أنه إذا قال عن عمرو فقد سمعه منه ، وإذا قال : (( سمع عمرو جابراً فلم يسمعه ابن عيينة من عمرو .

قاعدة :

قال العجلي : (( كل شئ روى محمد بن سيرين عن عبيدة :

يعني السلماني سوى رأيه فهو عن علي ، وكل شئ روى إبراهيم النخعي عن عبيدة سوى رأيه فإنه عن عبد الله ، إلا حديثاً واحداً ، انتهى .

وقد روى ابن سيرين عن عبيدة حديثاً مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن مات له ثلاثة ،وقيل فيه عن علي ، ولا يثبت .

وكذلك روى ابن سيرين عن عبيدة حديث أسارى بدر ، والصواب إرساله من غير ذكر علي .

وقد ذكرنا الحديث الأول في آخر الجنائز ، والثاني في كتاب الجهاد .

وقد روى يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن أبي معشر عن إبراهيم عن إبراهيم عن عبيدة عن علي أنه كان يكره ذبائح نصارى ني تغلب .

وخالفه ابن علية وغيره فرووه عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم عن علي مرسلاً من غير ذكر عبيدة .

قال الدار قطني : وهو المحفوظ .

قاعدة :

قال أحمد في رواية ابنه عبد الله : نا محمد بن فضيل : نا عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر بضعة عشر حديثاً ، كلها بهذا الإسناد إلا حديث : (( أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ... الحديث )) فإنه قال : عن عمارة عن أبي صالح عن أبي هريرة ، كذا قال .

يشير أحمد إلى أن هذا قاله ابن فضيل ، و ( أن ) الصحيح خلافه وأنه عن أبي زرعة .

وقد خرجاه في الصحيحين كذلك ، وقد رواه عن عمارة عن أبي زرعة جرير وعبد الواحد زياد .

قال أحمد : (( ونا ابن فضيل نا أبي عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً )) .

قال عبد الله قال أبي : (( كل شئ يروي ابن فضيل عن عمارة إلا هذا الحديث )) . يعني أنه رواه عن أبيه عن عمارة ، وبقية الأحاديث يرويها ( ابن فضيل ) عن عمارة .

قاعدو مهمة :

حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ، ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم

لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ، ولا يشه حديث فلان ، فيعللون الأحاديث بذلك .

وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحصره ، وإنما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم والمعرفة ، التي خصوا بها سائر أهل العلم ، كما سبق ذكره في غير موضع .

فمن ذلك :

سعد بن سنان ، ويقال : سنان بن سعد :

يروى عن أنس ، ويروي عنه أهل مصر :

قال أحمد : (( تركت حديثه ، حديثه حديث مضطرب . وقال : يشبه حديثه حديث الحسن ، لا يشبه أحاديث أنس )) . نقله عبد الله ابن أحمد عن أبيه .

ومراده أن الأحاديث التي يرويها عن أنس مرفوعة ، إنما تشبه كلام الحسن البصري أو مراسيله .

وقال الجوزجاني : (( أحاديثه واهية لا تشبه أحاديث الناس عن أنس )) .

( حديث ) شعيب بن أبي حمزة عن ابن المنكدر :

روى عنه أحاديث :

منها : حديث ابن المنكدر عن جابر مرفوعاً : (( من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة .. الحديث )) . وقد خرجه البخاري في صحيحه .

وله علة : ذكرها ابن أبي حاتم عن أبيه قال : (( قد طعن في هذا الحديث .وكان عرض شعيب بن أبي حمزة على ابن المنكدر كتاباً فأمر بقراءته عليه فعرف بعضاً وأنكر بعضاً ، وقال لابنه أو ابن أحيه أكتب هذه الأحاديث ، فدون شعيب ذلك الكتاب ، ولم تثبت رواية شعيب تلك الأحاديث على الناس ، وعرض علي بعض تلك الكتب فرأيتها مشابهاً لحديث إسحاق بن أبي فروة ، وهذا الحديث من تلك الأحاديث )) .

قلت : ومصداق ما ذكره أبو حاتم أن شعيب بن أبي حمزة روى عن ابن المنكدر عن جابر حديث الاستفتاح في الصلاة بنحو سياق حديث علي . روى عن شعيب عن ابن المنكدر عن الأعرج عن محمد بن مسلمة ، فرجع الحديث إلى الأعرج .

وإنما رواه الناس عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي ابن أبي طالب ، ومن جملة من رواه عن الأعرج بهذا الإسناد إسحاق بن أبي فروة .

وقيل : إنه روه عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج .

وروى عن محمد بن حمير عن شعيب بن أبي حمزة عن ابن أبي فروة وابن المنكدر عن الأعرج عن محمد بن مسلمة .

ورواه حيوة عن شعيب عن إسحاق عن العرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن محمد بن مسلمة ، فظهر بهذا أن الحديث عند شعيب عن ابن أبي فروة .

وكذا قال أبو حاتم الرازي : (( هذا الحديث من حديث إسحاق بن أبي فروة يرويه شعيب عنه )) .

وحاصل الأمر أن حديث الاستفتاح رواه شعيب عن إسحاق بن أبي فروة وابن المنكدر ، فمنهم من ترك إسحاق وذكر ابن المنكدر وآخر ، وكذا وقع في سنن النسائي .

وهذا مما لا يجوز فعله ، وهو أن يروي الرجل حديثاً عن اثنين : أحدهما مطعون فيه ، والآخر ثقة ، فيترك ذكر المطعون فيه ، ويذكر الثقة .

وقد نص الإمام أحمد على ذلك ، وعلله بأنه ربما كان في حديث الضعيف شئ ليس في حديث الثقة ، وهو كما قال ، فإنه ربما كان سياق الحديث للضعيف وحديث الآخر محمولاً عليه .

فهذا الحديث يرجع إلى رواية إسحاق بن أبي فروة وابن المنكدر ، ويرجع إلى حديث الأعرج ، ورواية الأعرج له معروفة عن ابن أبي رافع عن علي ، وهو الصواب عند النسائي ، والدار قطني وغيرهما .

وهذا الاضطراب في الحديث الظاهر أنه من ابن أبي فروة لسوء حفظه وكثرة اضطرابه في الأحاديث ، وهو يروي عن ابن المنكدر ، وقد روى هذا الحديث يزيد بن عياض بن حعدية عن ابن المنكدر عن الأعرج عن ابن أبي رافع عن علي .

وقد كان بعض المدلسين يسمع الحديث من ضعيف فيرويه عنه ويدلسه معه عن ثقة لم يسمعه منه ، فيظن أنه سمعه منهما ، كما روى معمر عن ثابت وأبان وغير واحد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (( نهى عن الشغار )) .

قال أحمد : (( هذا عمل أبان ـ يعني أنه حديث أبان ـ وإنما معمر ، يعني لعله دلس . ذكره الخلال عن هلال بن العلاء الرقي عن أحمد .

ومن هذا المعنى : أن ابن عيينة كان يروي عن ليث وابن أبي نجيح جميعاً عن مجاهد عن ابن أبي معمر عن علي حديث القيام للجنازة .

قال الحميدي : فكنا إذا وقفناه عليه لم يدخل في الإسناد أبا معمر إلا في حديث ليث خاصة .

يعني أن حديث ابن أبي نجيح كان يرويه عن مجاهد عن علي منقطعاً . وقد رواه ابن المديني وغيره عن ابن عيينة بهذين الإسنادين .

ورواه ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح وحده ، وذكر في إسناده مجاهداً ، وهو وهم .

قال يعقوب بن شيبة : (( كان سفيان بن عيينة ربما يحدث بالحديث عن اثنين فيسند الكلام عن أحدهما ، فإذا حدث به عن الآخر على الإنفراد أوقفه أو أرسله .

معقل بن عبيد الله الجزري :

قد سبق قول أحمد : (( أن حديثه عن أبي الزبير يشبه حديث ابن ليهعة )) . وظهر مصداق قول أحمد أن أحاديثه عن أبي الزبير مثل أحاديث ابن ليهعة سواء ، كحديث اللمعة في الوضوء وغيره .

وقد كانوا يستدلون باتفاق حديث الرجلين في اللفظ :

على أن أحدهما أخذه عن صاحبه .

كما قال ابن معين في

مطرف بن مازن :

إنه قابل كتبه عن ابن جريج ومعمر فإذا هي مثل كتب هشام بن يوسف سواء ، وكان هشام يقول : (( لم يسمعها من ابن جريج ومعمر إنما أخذها من كتبي )) .

قال يحيى : (( فعلمت أن مطرفاً كذاب )) . يعني علم صدق قول هشام عنه .

ومن ذلك :

قول أحمد وأبي حاتم في أحاديث الدراوردي عن عبيد الله ابن عمر : (( إنها تشبه أحاديث عبد الله بن عمر )) .

ومن ذلك :

ما ذكره البرذعي قال قال لي أبو زرعة : (( خالد بن يزيد المصري وسعبد بن أبي هلال صدوقان ، وربما وقع في قلبي من حسن حديثهما )) .

قال وقال لي أبو حاتم : (( أخاف أن يكون بعضها مراسيل عن ابن أبي فروة وابن سمعان )) انتهى .

ومعنى ذلك أنه عرض حديثهما على حديث ابن أبي فروة وابن سمعان فوجده يشبهه ، ولا يشبه حديث الثقات الذين يحدثان عنهم ، فخاف أن يكون أخذا حديث ابن أبي فروة وابن سمعان ودلساه عن شيوخهما .

ومن ذلك :

أن مسلماً خرج في صحيحه عن القواريري عن أبي بكر الحنفي عن عاصم بن محمد ثنا سعيد المقبري عن ابيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( قال الله ـ عزوجل ـ (( ابتلي عبدي المؤمن فإن لم يشكني إلى عوداه أطلقته من إساري ، ثم أبدلته لحماً خيراً من لحمه .. )) الحديث .

قال الحافظ أبو الفضل بن عمار الهروي الشهيد رحمه الله : (( هذا حديث منكر ، وإنما رواه عاصم بن محمد عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه . وعبد الله بن سعيد شديد الضعف . قال يحيى القطان : (( ما رأيت أحداً أضعف منه )) .

ورواه معاذ بن معاذ عن عاصم بن محمد بن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة ، وهو يشبه أحاديث عبد الله بن سعيد )) انتهى .

ومن ذلك :

قول ابن المديني في حديث الفضل بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع ـ الذي رواه القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبيه عن عطاء عن الفضل ـ : (( إنه يشبه أحاديث القصاص وليس يشبه أحاديث عطاء بن أبي رباح )) .

ومنه : قول أبي أحمد الحاكم :

في حديث علي الطويل في الدعاء لحفظ القرآن : (( إنه يشبه أحاديث القصاص )) .

ومن ذلك :

حديث يرويه عمر بن يزيد الرفاء عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما بال أقوام يشرفون المترفين ، ويستخفون بالعابدين ، ويعملون بالقرآن ما وافق أهواءهم ، وما خالف أهواءهم تركوه ... )) الحديث .

قال ابن عدي : (( هذا يعرف بعمر بن يزيد عن شعبة ، وهو بهذا الإسناد باطل )) .

قال العقيلي : (( ليس هذا الحديث أصل من حديث شعبة . قال : وهذا الكلام عندي ـ والله أعلم ـ يشبه كلام عبد الله بن المسور الهاشمي المدايني ، وكان يضع الحديث ، وقد روى عمرو بن مرة عنه ، فلعل هذا الشيخ حمله عن رجل عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن المسور مرسلاً ، وأحاله على شعبة )) انتهى .

والأمر على ما ذكره العقيلي رحمه الله .

وقد روى عمرو بن مرة عن ابن المسور المدايني حديثاً آخر أصله مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( لما نزل قوله تعالى : فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام . قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح .. الحديث )) .

فهذا هو أصل الحديث ، ثم وصله قوم وجعله له إسناداً موصولاً مع اختلافهم فيه .

قال الدار قطني : (( يرويه عمرو بن مرة ، واختلف عنه : فرواه مالك بن مغول عن عمرو بن مرة عن عبيدة عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله عبد الله بن محمد بن المغيرة ، تفرد بذلك .

ورواه زيد بن أنيسة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قاله أبو عبد الرحيم عن زيد .

وخالفه يزيد بن سنان فرواه عن زيد عن عمرو بن مرة عن عبد الله ابن الحارث عن ابن مسعود .

وقال وكيع : عن المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله .

وكلها وهم ، والصواب عن عمرو بن مرة عن أبي جعفر عبد الله بن المسور مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كذلك قاله الثوري .

وعبد الله بن المسور هذا متروك ، وهو عبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب )) . انتهى

والصحيح عن وكيع كما رواه الثوري فقد خرجه وكيع في كتاب الزهد عن المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي جعفر عبد الله بن المسور عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً . وما ذكره الدار قطني عن وكيع لا يثبت عنه .

ومن ذلك :

ما ذكره الإمام أحمد في كتاب العلل قال حدثني أبو معمر نا أبو أسامة قال : كنت عند سفيان [ الثوري ] فحدثه زائدة عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير (( فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله )) قال : (( هم الشهداء )) .

فقال له سفيان : (( إنك لثقة وإنك لتحدثنا عن ثقة ، وما يقبل قلبي أن هذا من حديث سلمة )) . فدعا بكتاب فكتب : (( من سفيان بن سعيد إلى شعبة ! .. ))

وجاء كتاب شعبة : من شعبة إلى سفيان : إني لم أحدث بهذا عن سلمة ، ولكن حدثني عمارة بن أبي حفصة عن حجر الهجري عن سعيد ابن جبير .

ومن ذلك : أنهم يعرفون الكلام

الذي يشبه كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، من الكلام الذي لا يشبه كلامه .

قال ابن أبي حاتم الرازي عن أبيه : (( تعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه ، وأن يكون كلاماً يصلح أن يكون مثله كلام النبوة ، ويعرف سقمه وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته ، والله أعلم )) .

قواعد في علم الجرح والتعديل

قد ضعف رجال ، واختلف فيهم :

ولكن منهم منر وايته عن بعض شيوخه أضعف من روايته عن غيره . ومنهم من رواية بعض أصحابه عنه أضعف من رواية بعض .

فنذكر هاهنا جملة من ذلك :

فمنهم : عباد بن منصور :

قاضي البصرة ، ضعفوه ، وأضعف رواياته عن عكرمة ، يقال : إنه أخذها عن ابن أبي يحيى عن داود بن الحصين عنه .

ومنهم : شهر بن حوشب :

مختلف في أمره ، ولكن رواية عبد الحميد بن بهرام عنه أصح من رواية غيره من أصحابه .

قال يحيى القطان : (( من أراد حديث شهر فعليه بعبد الحميد ابن بهرام )) .

وقال أحمد : (( حديثه عن شهر مقارب ، كان يحفظها كان يقرأ سورة من القرآن ، وهو سبعون حديثاً طوال )) .

وقال أبو حاتم الرازي : (( عبد الحميد بن بهرام في شهر مثل الليث بن سعد في سعيد المقبري ، أحاديثه عن شهر صحاح ، لا أعلم روي عن شهر أحسن منها . قلت : يحتج بحديثه ؟ قال : لا ، ولا بحديث شهر ، ولكن يكتب حديثه )) .

وقال شعبة : (( نعم الشيخ عبد الحميد بن بهرام ، لكن لا تكتبوا عنه فإنه يحدث عن شهر )) .

ومنهم : أبو فروة يزيد بن سنان الرهاوي :

ضعيف ، ضعفه الأكثرون مطلقاً ، ونقل الترمذي في العلل عن البخاري ، قال : (( لا بأس إلا ما رواه عنه ابنه محمد ، فإنه يروي عنه مناكير )) .

قاعدة في الرواة :

رشدين  اثنان :

أحدهما رشدين بن كريب مولى ابن عباس .

والثاني : رشدين بن سعد المصري .

وكلاهما ضعيف ، فهذه الترجمة من الأشياء ليس فيها ثقة فيما نعلم .

قاعدة :

قال إسماعيل بن علية : (( من كان اسمه عاصم ففي حفظه شئ )) . ذكره ابن عدي في كتابه .

وحكى المروذي عن يحيى بن معين قال : (( كل عاصم في الدنيا ضعيف )) .

ولم يوافق أحمد على ذلك ، فإن عاصم بن سليمان الأحول عنده ثقة ، وذكر له أن ابن معين تكلم فيه ، فعجب .

وعاصم بن بهدلة : ثقة ، إلا أن حفظه اضطراباً .

وعاصم بن عمر بن قتادة : ثقة أيضاً على متفق على حديثه كعاصم الأحول .

وعاصم بن كليب ثقة ، وقد وثقه ابن معين أيضاً .

وعاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ، ثقة متفق على حديثه ، وممن وثقه ابن معين أيضاً .

وأما عاصم بن عمر بن الخطاب فأجل من أن يقال فيه ثقة .

وفوق هؤلاء من اسمه عاصم من الصحابة ، وهم جماعة ، ولم يرد ابن معين دخولهم في كلامه قطعاً .

قاعدة :

قال أحمد في رواية ابن هانئ : (( كل أبي فروة ثقة إلا أبا فروة الجزري )) . يعني يزيد بن سنان ،وقد تقدم ذكره .

قاعدة :

قال أحمد في رواية ابن هانئ أيضاً : (( آل كعب بن مالك كلهم ثقات ، كل من روي عنه الحديث )) . يعني كل من روي عنه الحديث من أولاد كعب بن مالك وذريته فهو ثقة .

قاعدة :

قال أحمد : (( كل من روى عنه مالك فهو ثقة )) .

وقال النسائي : (( لا نعلم مالكاً روى عن إنسان ضعيف مشهور بالضعف ، إلا عاصم بن عبيد الله ، فإنه روى عنه حديثاً ، وعن عمرو ابن أبي عمرو ، وهو أصلح من عاصم ، وعن شريك بن أبي نمر ، وهو أصلح من عمرو ، قال : ولا نعلم أن مالكاً حدث عن أحد يترك حديثه إلا عن عبد الكريم أبي أمية )) .

ونقل الترمذي في علله عن البخاري أنه قال : (( لا نعلم مالكاً حدث عمن يترك حديثه إلا عن عطاء الخراساني )) .

وقد ذكرنا فيما تقدم أن عطاء الخراساني ثقة ، ثقة ، عالم رباني ، وثقة كل الأئمة ما خلا البخاري ، ولم يوافق على ما ذكره ، وأكثر ما فيه أنه كان في حفظه بعض سوء .

(و) قال شعبة : (( نا عطاء الخراساني ، وكان نسياً )) .

وقال ابن معين عنه : (( هو ثبت ، وكان كثير الإرسال )) . نقله عنه الغلابي .

وكان سفيان الثوري يحث على الأخذ عنه ، ووثقه الأوزاعي ، وأحمد ، وعلي ، ويحيى ، ويعقوب بن شيبة ، ومحمد بن سعد ، والعجلي ، والطبراني ، والدار قطني .

وقد بين الترمذي في علله أن ما ذكره البخاري لم يوافق عليه ، وأنه ثقة عند أهل الحديث .

قال : (( ولم أسمع أن أحداً من المتقدمين تكلم فيه )) .

وقال يعقوب بن شيبة : (( هو ثقة ثبت . قال : وهو مشهور ، له فضل وعلم ، ومعروف بالفتوى والجهاد ، روى عنه مالك بن أنس ، وكام مالك ممن ينتقي الرجال )) .

وأما الحكاية عن سعيد بن المسيب أنه كذبه فيما روى عنه فلا تثبت ، وقد كذب ابن المسيب عكرمة ، ولم يتركه البخاري بتكذيبه ، بل خرج له ، واعتذر عن تكذيب من كذبه في كتاب القراءة خلف الإمام ، وعن تكذيب مالك لابن إسحاق .

قال البخاري : لو صح عن مالك تناوله من ابن إسحاق فلربما تكلم الإنسان فيرمي صاحبه بشئ واحد ) ولا يتهمه في الأمور كلها )) .

وقال إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح : (( نهاني مالك عن شيخين من قريش ، وقد أكثر عنهما في الموطأ ؛ وهما ممن يحتج بهما ، ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم ، نحو ما يذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي ، وكلام الشعبي في عكرمة ، وفيمن كان قبلهم ، وتأويل بعضهم في العرض والنفس ، ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة ، ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان ثابت وحجة )) انتهى .

وعطاء الخراساني أحق أن يعتذر عما قاله ابن المسيب إن صح ، فإنه أعظم وأجل قدراً من عكرمة ، بل لا نسبه بينهما في الدين والورع .

وزعم البخاري أن عبد الكريم أبا أمية مقارب في الحديث ، وهو عند جميع الأئمة مباعد الحديث جداً ، ليس بين حديثه و [ بين ] حديث الثقات قرب البتة .

ومن ذلك : قول ابن المديني :

(( كل مدني لم يحدث عنه مالك ففي حديث شئ )) .

وهذا على إطلاقه فيه نظر ، فإن مالكاً لم يحدث عن سعد بن إبراهيم وهو ثقة جليل متفق عليه .

ونظير هذا : قول عبد الله بن أحمد الدورقي :

(( كل من سكت عنه يحيى بن معين فهو ثقة )) .

ومن ذلك : قول أبي داود :

(( مشايخ حريز بن عثمان كلهم ثقات )) .

وقول أبي حاتم :

في مشايخ سليمان بن حرب : (( كلهم ثقات )) .

قاعدة :

قال الحسين بن فهم : (( ثلاثة أبيات كانت عند يحيى بن معين من أشر قوم ، المحبّر بن قحدم وولده ، وعلي بن عاصم وولده ، وآل أبي أويس ، كلهم كانوا عنده ضعافاً جداً .

أما المحبر فن قحذم فروى عن أبيه قحذن بن سليمان .

قال العقيلي : (( في حديثهما ـ يعني المحبّر وأباه ـ وهم وغلط )) .

وأما ولد المحبّر فلا يعرف منهم سوى داود وهو ضعيف جداً ، وسئل عنه أحمد فضحك ، وقال : (( شبه لا شئ ، كان يدري ذلك أيش الحديث )) بقوله أحمد على الإنكار .

وقال ابن معين عنه : (( لم يكن كذاباً . وكان قد سمع الحديث بالبصرة ، ثم صار إلى عبادان فصار مع الصوفيه فنسي الحديث وجفاء ، ثم قدم بغداد فجاءه أصحاب الحديث فجعل يخطئ في الحديث ، لأنه لم يجالس أصحاب الحديث )) .

فأما بدل بن المحبّر :

فثقة بصري ، ليس بينه وبين هؤلاء قرابة ، وقد خرّج عنه البخاري في صحيحه .

وأبا بن المحبر :

شامي وهو ضعيف ، وليس من هؤلاء بشئ .

ومن ولد المحبر بن قحذم : الوليد بن هشام القحذمي :

وقد روى الوليد بن هشام هذا عن المحبر بن قحذم عن جده أبي قحذم سليمان بن ذكوان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أسلم سالمها الله ، وغفار غفر الله لها )) .

وأما علي بن عاصم :

فهو علي بن عاصم بن صهيب بن سنان الواسطي يكنى أبا الحسن ، وقد رماه طائفة بالكذب ، منهم يزيد بن هارون وغيره ، وكذبه أيضاً ابن معين ، وكان أحمد يحسن القول فيه ، ويوثقه ، ويحدث عنه ، ويقول : إنه يخطئ ، وأنكر ذلك ابن معين عليه .

ومما أنكر على عليّ بن عاصم روايته عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( من عزّى مصاباً فله مثل أجره )) .

وقد تابعه عليه قوم من الضعفاء وقد سبق الكلام عليه مستوفى في كتاب الجنائز .

وأما ولد علي بن عاصم ، فله ابنان :

أحدهما : اسمه عاصم :

وكان ابن معين يذمه ، وقال مرة : (( كذاب ابن كذاب )) .

وكان أحمد يوثقه ويقول : (( هو صحيح الحديث قليل الغلط )) .

وقال أيضاً : (( هو أصح حديثاً من أبيه )) .

وخرّج له البخاري في صحيحه .

والآخر : اسمه الحسن :

وقد ضعفه ابن معين وقال : (( ليس بشئ )) وقال أبو حاتم : (( محله الصدق )) .

وقال ابن عدي : (( الحسن وعاصم ابنا على خير من أبيهما ، وليس لهما من المناكير عشر ما لأبيهما

وقال ابن أبي خيثمة سمعت ابن معين يقول : (( لا يفلح من آل عاصم ابن صهيب الرومي أحد أبداً))

وأما آل أبي أويس :

فأبو أويس اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس :

ابن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني ابن ابن عم مالك بن أنس ، ضعفه يحيى ، وقال مرة : (( صدوق وليس بحجة )) .

وقال أحمد : (( صالح )) .

وقال ابن المديني : (( كان عند أصجابنا ضعيفاً )) .

وقال الفلاس : (( فيه ضعف وهو عندهم من أهل الصدق )) .

وقال أبو حاتم : (( صالح صدوق كأنه لين )) .

وقال أبو حاتم : (( يكتب حديثه ولا يحتج به وليس بالقوي )) .

وله ولدان أحدهما :

إسماعيل بن أبي أويس :

وقد خرّج حديثه الشيخان في صحيحهما ، وضعفه ابن معين والنسائي .

وقال أبو حاتم : (( مغفل محله الصدق )) .

وقال البرقاني قلت للدار قطني : (( لم ضعف النسائي إسماعيل بن أبي أويس ؟ فقال : (( ذكر محمد بن موسى الهاشمي ـ وهذا أحد الأئمة وكان أبو عبد الرحمن يعني النسائي يخصه ما لم يخص به ولده ـ فذكر عن أبي عبد الرحمن [ النسائي ] أنه قال حكى لي سلمة بن شبيب عنه . قال ثم توقف أبو عبد الرحمن ، قال فما زلت بعد ذلك أداريه أن يحكي لي الحكاية حتى قال لي : قلي لي سلمة بن شبيب سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول : ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شئ فيما بينهم قلت للدار قطني من حكى لك هذا عن محمد بن موسى ؟ قال : الوزير ، كتبتها من كتابه وقرأتها عليه (( يعني ابن خنزابة )) .

والثاني أبو بكر واسمه عبد الحميد :

وقد خرّج له الشيخان أيضاً ، ووثقه ابن معين وغيره ، وهو أوثق من أخيه بكثير ، قاله أبو داود وغيره .

وقال الدار قطني : (( حجة )) .

وضعف ابن عبد البر أبا أويس وابنيه وقال : (( هم ضعاف لا يحتج بهم )) . ولعل مستنده في ذلك ما ذكرناه أولاً عن يحيى بن معين والله اعلم .

ويلتحق بهؤلاء من البيوت الضعفاء :

عطية بن سعد العوفي وأولاده :

( أما عطية ) :

فضعفه غير واحد ، وقد تكرر ذكره في الكتاب غير مرة .

وأما أولاده ، فقال العقيلي :

عبد الله بن عطية بن سعد :

عن أخيه الحسن بن عطية ، لا يتابع على حديثه ، ولهما أخ ثالث (و) يقال له عمرو بن عطية ، ويقاربهما في الضعف وقلة الضبط .

وقال البخاري : (( عبد الله بن عطية بن سعد العوفي عن أخيه الحسن بن عطية هو أخو محمد لم يصح حديثه )) .

والحسن بن عطية :

الذي روى عنه أخوه عبد الله ، ذكره البخاري وقال : (( ليس بذاك )) .

وضعفه أبو حاتم ، وذكره ابن حبان في ثقاته وقال : (( أحاديثه ليست نقيه )) .

وخرّج له أبو داود حديثاً واحداً .

ومحمد بن عطية :

أخوهم الذي أشار إليه البخاري عن أبيه .

قال البخاري : (( يروي عنه أسيد الجمال عجائب )) .

وذكره العقيلي أيضاً في الضعفاء فيمن اسمه محمد .

وكذا ذكره ابن حبان ولكن لم يطلق عليه الجرح ، لأنه تردد نسبة النكارة الواقعة في حديثه بين أن تكون منه أو من أبيه أو من أسيد بن زيد الراوي عنه .

وخالف في ذلك الدار قطني وقال : (( محمد ليس من أولاد عطية لصلبه ، إنما هو محمد بن الحسن بن عطية . ثم قال نا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني هو ابن عقدة قال قلت لمحمد بن سعد بن محمد العوفي : محمد بن عطية الذي روى عنه أسيد بن زيد من هو ؟ قال : (( ليس لعطية ابن يقال له محمد ، إنما هو جدي محمد بن الحسن بن عطية بن سعد ، نسبه أسيد إلى جده )).

وللحسن بن عطية ولدان :

أحدهما : الحسين بن الحسن بن عطية :

كان قاضي بغداد ، ضعفه ابن معين ، وأبو حاتم ، وغيرهما .

والآخر : محمد بن الحسن بن عطية :

قال ابن معين : ليس بمتين ، وقال أبو حاتم : ضعيف ، وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ، وخرّج له أبو داود في كتابه .

وزعم ابن حبان أنه محمد بن الحسن بن سعد بن أخي عطية بن سعد ووهمه الدار قطني في ذلك ، وقال : (( إنما هو محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي بلا شك ، نسبه محمد بن ربيعة الكلابي كذلك ، ونسبه أيضاً ابن ابنه محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية ابن سعد )) .

ومنهم محمد بن عبيد الله العرزمي :

ضعيف الحديث ، وقد ذكرنا له ترجمة مفردة فيما تقدم ،وقد تكرر ذكره في الكتاب كثيراً .

وابنه : عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله .

وابنه : محمد بن عبد الرحمن بن محمد : كلهم ضعفاء .

قال الدار قطني فيما نقله عنه البرقاني : (( محمد بن عبد الرحمن متروك وأبوه وجده )) .

وابن أخي محمد :

عباد بن أحمد بن عبد الرحمن العرزمي :

قال الدار قطني : (( هو متروك أيضاً )) .

وروى ابن شاهين من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت أبي يقول ذكرت لأبي نعيم عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي فقال : (( كان هؤلاء أهل بيت يتوارثون الضعف قرناً بعد قرن )) .

ومنهم : ولد عبد العزيز بن عمر :

ابن عبد الرحمن بن عوف قال أبو حاتم الرازي : (( هم ثلاثة أخوة )) .

محمد ، وعبد الله ، وعمران :

أولاد عبد العزيز بن عمر ، وهم ضعفاء الحديث ليس لهم حديث مستقيم )) انتهى .

ولعمران ابن يقال له :

عبد العزيز يكنى بأبي ثابت :

ويقال له أيضاً ابن أبي ثابت فإن أباه يكنى بأبي ثابت أيضاً ، وهو أيضاً ضعيف جداً .

ولمحمد بن عبد العزيز ابنان :

أحدهما : إبراهيم :

يروي عنه يعقوب وإبراهيم بن المنذر ، ذكره البخاري في كتاب الضعفاء ، وقال : (( منكر الحديث ، سكتوا عنه )) .

وقال ابن عدي : (( عامة حديثه مناكير ، ولا يشبه حديثه حديث أهل الصدق )) .

وقال يعقوب بن شيبة : (( لا أعلم لي به )) .

والآخر : أحمد :

يروي عن كتاب أبيه ، ويروي عنه عبد الله بن شبيب .

ويظهر أن جميعهم ضعفاء لأن أحاديثهم منكرة لا توافق حديث الثقات .

ومنهم ولد سلمة بن كهيل وله ابنان : يحيى ومحمد .

فأما يحيى فضعيف جداً .

وأما محمد : فقد ضعف أيضاً ، وهو أصلح من يحيى .

وقال أبو زرعة : (( هو ضعيف قريب من أخيه )) يعني يحيى . وليحيى ابن اسمه :

إسماعيل :

قال فيه الدار قطني : (( متروك )) . ولإسماعيل بن يحيى ابن اسمه :

إبراهيم :

منكر الحديث ضعفه غير واحد .

قاعدة :

في تضعيف حديث الراوي إذا روى ما يخالف رأيه :

قد ضعف الإمام أحمد وأكثر الحفاظ أحاديث كثيرة بمثل هذا :

فمنها : (( أحاديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الحفين :

ضعفها أحمد ومسلم وغير واحد ، وقالوا : أبو هريرة ينكر المسح على الخفين فلا يصح له فيه رواية .

ومنه : أحاديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين أيضاً .

أنكرها أحمد وقال : (( ابن عمر أنكر على سعد المسح على الخفين ، فكيف يكون عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه رواية ؟! .

ومنها : حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للمستحاضة (( دعي الصلاة أيام أقرانك )) .

قال أحمد : (( كل من روى هذا عن عائشة فقد أخطأ ، لأن عائشة تقول : الأقراء الأظهار لا الحيض )) .

ومنها : حديث طاوس عن ابن عباس في الطلاق الثلاث ، وقد سبق .

ومنها : حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الصلاة على الجنازة .

وذكر الترمذي عن البخاري أنه قال : (( ليس بشئ ، ابن عمر أنكر على أبي هريرة حديثه )) .

ومنها : حديث عائشة : ( (( لا نكاح إلا بولي )) .

أعله أحمد في رواية عنه بأن عائشة عملت بخلافه .

ومنها : حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الصبي ألهذا حج ؟ قال : (( نعم )) رده البخاري بأن ابن عباس كان يقول : (( أيما صبي حج به ثم أدرك فعليه الحج )) .

قاعدة      :

في تضعيف أحاديث رويت عن بعض الصحابة والصحيح عنهم رواية ما يخالفها .

فمن ذلك : حديث سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن صلاتين صلاة بعد صلاة العصر الحديث ، أنكره أحمد والدار قطني وغيرهما .

قال الدار قطني : (( المحفوظ عنها أنها قالت : ما دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر إلا صلى ركعتين )) .

ومن ذلك : حديث يزيد الرّشك وقتادة عن معاذة عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله )) .

أنكره أحمد والأثرم وابن عبد البر وغيرهم ، وردوه بأن الصحيح عن عائشة قالت : (( ما سبّح رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى قط )) .

فصل :

قد ذكرنا في كتاب العلم فضل عالم علل الحديث ، وشرفه وعزته ، وقلة أهله المتحققين به من بين الحفاظ والمحدثين .

وقد صنفت فيه كتب كثيرة مفردة .

بعضها غير مرتبة : كالعلل المنقولة عن يحيى القطان ، وعلي بن المديني ، وأحمد ، ويحيى ، وغيرهم .

وبعضها مرتبة :

ثم منها ما رتب على المسانيد : كعلل الدار قطني ، وكذلك مسند علي ابن المديني ، ومسند يعقوب بن شيبة هما في الحقيقة موضوعان لعلل الحديث .

ومنها ما هو مرتب على الأبواب : كعلل ابن أبي حاتم ، والعلل لأبي الخلال الحنبلي ، وكتاب العلل للترمذي أوله مرتب وأواخر غير مرتب .

وقد ذكر أبو داود في رسالته إلى أهل مكة : (( أنه ضرر على العامة أن يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب ، فيما مضى من عيوب الحديث ، لأن علم العامة يقصر عن مثل هذا )) .

وهذا كما قال أبو داود ، فإن العامة تقصر أفهامهم عن مثل ذلك ، وربما ساء ظنهم بالحديث جملة إذا سمعوا ذلك .

وقد تسلط كثير ممن يطعن في أهل الحديث عليهم بذكر شئ من هذه العلل . وكان مقصوده بذلك الطعن في الحديث جملة والتشكيك فيه . أو الطعن في غير حديث أهل الحجاز ، كما فعله حسيبن الكرابيسي في كتابه الذي سماه بكتاب المدلسين ، وقد ذكر كتابه هذا للإمام أحمد قدمه ذماً شديداً . وكذلك أنكره عليه أبو ثور وغيره من العلماء .

قال المروزي : (( مضيت إلى الكرابيسي وهو إذ ذاك مستور يذب عن السنة ويظهر أبي عبد الله ، فقلت له : إن كتاب المدلسين يريدون أن يعرضوه على أبي عبد الله ، فأظهر أنك قد ندمت حتى أخبر أبا عبد الله . فقال لي : (( عن أبا عبد الله رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق ، وقد رضيت أن يعرض كتابي عليه ، وقال : قد سألني أبو ثور وابن عقيل وحبيش أن أضرب على هذا الكتاب فأبيت عليهم وقلت بل أزيد فيه ، ولج في ذلك وأبى أن يرجع عنه .

فجئ بالكتاب إلى أبي عبد الله وهو لا يدري من وضع الكتاب ، وكان في الكتاب الطعن على الأعمش والنصرة للحسن بن صالح .

وكان في الكتاب : (( إن قلت إن الحسن بن صالح كان يرى رأي الخوارج فهذا ابن الزبير قد خرج)

فلما قرئ على أبي عبد الله قال : (( هذا قد جمع للمخالفين مالم يحسنوا أن يحتجوا به ، حذروا عن هذا )) ونهى عنه .

وقد تسلط بهذا الكتاب طوائف من أهل البدع من المعتزلة وغيرهم في الطعن على أهل الحديث ،

كابن عباد الصاحب ونحوه ،وكذلك بعض أهل الحديث ينقل منه دسائس ـ إما أنه يخفى عليه أمرها ، أو لا يخفى عليه ـ في الطعن في الأعمش ،ونحوه ، كيعقوب الفسوي ، وغيره .

وأما أهل العلم والمعرفة والسنة والجماعة فإنما يذكرون علل الحديث نصيحة للدين وحفظاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وصيانة لها ، وتمييزاً مما يدخل على رواتها من الغلط والسهو والوهم ، ولا يوجب ذلك عندهم طعناً في غير الأحاديث المعللة ، بل تقول بذلك الأحاديث السليمة عندهم لبراءتها من العلل وسلامتها من الآفات ، فهؤلاء هم العارفون بسنة رسول الله عليه وسلم حقاً ، وهم النقاد الجهابذة الذين ينتقدون الحديث انتقاد الصيرفي في الحاذق للنقد البهرج من الخالص ، وانتقاد الجوهري الحاذق للجوهر مما دلس به .

*     *     *

وقد انتهى الكلام على كتاب الجامع لأبي عيسى الترمذي رحمه الله ورضي عنه .

والله تعالى المسؤل أن يجعله خالصاُ لوجهه الكريم ، وموجباً للفوز برضوانه في جنات النعيم ، وأن ينفع به صاحبه وكاتبه وقارئه في الدنيا والآخرة ، أن يجعله سبباً لإحياء علوم السنن التي هي مهجورة داثرة ، وأن لا يجعل ما علمنا علينا وبالاً ، وأن لا يجعل سعينا ونصبنا في العلم يذهب ضلالاً ، بمنه وكرمه ، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين لا يرد سؤالاً ، ( ولا يخيب آمالاً ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدونة غريب القران مشمولة والفيزيا 3ث

  🆀غريب القران بيان غريب القران رائع ...